و هناك تفسير رابع للتكرار هو إن الآية الثّانية تقول: لا أعبد ما تعبدون
الآن.
و الآية الرابعة تقول: ما أنا عابد (في الماضي) معبودكم، فما بالكم اليوم. هذا
التّفسير يستند إلى التفاوت بين فعلي الآيتين، في الثّانية الفعل مضارع «تعبدون»،
و في الآية الرابعة «عبدتم» بصيغة الماضي و نحن لا نستبعده [1].
و إن كان هذا يحل مسألة تكرار الآيتين الثّانية و الرابعة، و تبقى مسألة تكرار
الآيتين الثّالثة و الخامسة على حالها. [2]
4- هل الآية لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ تعني جواز عبادة الأصنام؟!
قد يتصور أنّ هذه الآية لها مفهوم «السلام العام» و تجيز حتى لعبدة الأصنام أن
يظلوا عليها عاكفين، لأنّها لا تصرّ على قبول دين الإسلام.
لكن هذا التصور فارغ لا يقوم على أساس، لحن الآيات يوضح بجلاء أنّها نوع من
التحقير و التهديد، أي دعكم و دينكم فسترون قريبا و بال أمركم، تماما مثل ما ورد
في قوله تعالى: وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا
عَنْهُ وَ قالُوا: لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا
نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ[3].
و الشاهد الواضح على ذلك مئات الآيات الكريمة التي ترفض الشرك بكل ألوانه، و
تعتبره عملا لا شيء أبغض منه، و ذنبا لا يغفر.
و هناك إجابات اخرى على هذا السؤال مثل تقدير محذوف و تكون العبارة:
لكم جزاء دينكم و لي جزاء ديني.
[1]- بناء على هذا (عابد) و هو اسم
فاعل يكون في الآية بمعنى الماضي أيضا.
[2]- يجب الالتفات إلى أن «ما
الموصولة» و إن استعملت غالبا في غير ذوي العقول، تستعمل أيضا في العاقل. و في
القرآن شواهد.