و قيل أيضا: «الدين» هنا بمعنى الجزاء، و لا محذوف فيها و مفهومها لكم جزاؤكم
و لي جزائي [1].
و التّفسير الأوّل أنسب.
5- هل هادن الشرك يوما؟
السّورة تطرح حقيقة التضاد و الانفصال التام بين منهج التوحيد، و منهج الشرك،
و عدم وجود أي تشابه بينهما، التوحيد يشدّ الإنسان باللّه بينما الشرك يجعل الإنسان
غريبا عن اللّه.
التوحيد رمز الوحدة و الانسجام في جميع المجالات، و الشرك مبعث التفرقة و
التمزق في كلّ الشؤون.
التوحيد يسمو بالإنسان على عالم المادة و الطبيعة، و يربطه بما وراء الطبيعة
بالوجود اللامتناهي لربّ العالمين، بينما الشرك يجعل الإنسان يرسف في أغلال
الطبيعة، و يربطه بموجودات ضعيفة فانية.
من هنا فالنّبي الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سائر الأنبياء الكرام
لم يهادنوا الشرك لحظة واحدة، بل جعلوا مقارعته في رأس قائمة أعمالهم.
السائرون على طريق اللّه من الدعاة و العلماء الإسلاميين يتحملون مسئولية مواصلة
هذه المسيرة، و عليهم أن يعلنوا براءتهم من الشرك و المشركين في كلّ مكان.
هذا هو طريق الإسلام الأصيل.
اللّهم! جنبنا كلّ شرك في أفكارنا و أعمالنا.
ربّنا! وساوس المشركين في عصرنا خطرة أيضا، فاحفظنا من الوقوع في
[1]- و يلاحظ أن كلمة (دين) في الآية وَ لِيَ دِينِ
مكسورة، و كسرتها تدل على ياء محذوفة أي: و لي ديني.