و في (مفردات
الراغب): «المنافسة»: مجاهدة النفس للتشبّه بالأفاضل و اللحوق بهم من غير إدخال
ضرر على غيره.
و جاء مضمون
الآية في الآية (21) من سورة الحديد: سابِقُوا إِلى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ،
و ما جاء في الآية (133) من سورة آل عمران: وَ
سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ
الْأَرْضُ.
و على آية
حال، فدقّة تعبير الآية و شفافيته، من أجمل تعابير التشجيع للوصول إلى النعيم
الخالد، من خلال ترسيخ الإيمان في قلوب و تجسيد الأعمال الصالحة على سوح الواقع، و
الآية قطعة بلاغية رائعة [1][2] و نصل لآخر
وصف شراب الأبرار في الجنّة: وَ مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ
أي أنّه ممزوج بالتسنيم، (عينا يشرب بها المقرّبون) [3].
و من خلال
الآيتين أعلاه، يتّضح لنا بأنّ «التسنيم» هو أشرف شراب في الجنّة، و «المقرّبون»
يشربون منه بشكل خالص، فيما يشربه «الأبرار» ممزوجا بالرحيق المختوم.
أمّا وجه
تسمية ذلك الشراب أو العين ب «تسنيم»، (علما بأنّ التسنيم في اللغة هو عين ماء
يجري من علو إلى أسفل)، فقد قال البعض فيه: إنّه شراب خاص موجود في الطبقات العليا
من الجنّة .. و قال آخرون: إنّه نهر يجري في الهواء فينصب في أواني أهل الجنّة.
و الحقيقة،
فللجنّة ألوان من الأشربة، منها ما يجري على صورة أنهار، كما
[1]- يتّضح من تفسير الآية، أنّ اسم الإشارة
«ذلك» يعود على جميع نعم الجنّة، و شرابها بالذات لما وصف فيه في الآية.
[2]- «الواو» و «الفاء» في
وَ فِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ، كلاهما
حرف عطف، و إذا ما سئل عن علة وجودهما معا، فالجواب هو: يوجد شرط محذوف، و
التقدير: «و إن أريد تنافس في شيء فليتنافس في ذلك المتنافسون»، فحذفت أداة الشرط
و الجملة الشرطية و قدمت «في ذلك».
[3]- قيل في سبب نصب «عينا» عدّة وجوه .. منها:
لأنّها حال التسنيم، تمييز، مدح و اختصاص .. و التقدير: (أعني).
و «الباء»
في «بها»: زائدة، أو بمعنى (من) و هو الأنسب.