و الجنون، بل
هو شراب طاهر يذكي العقول و يدب النشاط و الصفاء في شاربه.
و «الرحيق»-
كما اعتبره المفسّرين-: هو الشراب الخالص الذي لا يشوبه أيّ غش أو تلوث.
و «مختوم»:
إشارة إلى أنّه أصلي و يحمل كلّ صفاته المميزة عن غيره من الأشربة و لا يجاريه
شراب قطّ، و هذا بحدّ ذاته تأكيد آخر على خلوص الشراب و طهارته.
و الختم
بالصورة المذكورة يظهر مدى الاحترام الخاص لأهل الجنّة، حيث أنّ ذلك الإحكام و تلك
الأختام مختصة لهم، و لا يفتحها أحد سواهم [1].
و تقول الآية
التالية: خِتامُهُ مِسْكٌ.
فختامه ليس
كختوم أهل الدنيا التي تلوث الأيدي، و أقل ما فيها أنّها في حال فتحها ترمى في سلة
الأوساخ، بل هو شراب طاهر مختوم، و إذا ما فتح ختمه فتفوح رائحة المسك منه! و قيل:
«ختامه» يعني (نهايته)، فعند ما ينتهي من شراب الرحيق، ستفوح من فمه رائحة المسك،
على خلاف أشربة أهل الدنيا، التي لا تترك في الفم إلّا المرارة و الرائحة الكريهة،
و لكنّه بعيد بملاحظة الآية السابقة.
و يقول
العلّامة الطبرسي في (مجمع البيان): «التنافس»: تمنّي كلّ واحد من النفسين مثل
الشيء النفسي الذي للنفس الاخرى أن يكون له.
و في (مجمع
البحرين): نافست في الشيء: إذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم، (سباق سالم و
نزيه).
[1]- عملية ختم الأشياء (كانت و لا زالت)،
تستعمل للاطمينان على سلامة تلك الأشياء من التلاعب بها، فمثلا .. لكي يطمأن على
سلامة وصول شيء معين إلى صاحبه المراد، فإنّه يوضع في ظرف خاص مغلق، و إذا ما كان
الشيء بدرجة عالية من الأهمية، فلا يكتفي بالغلق، بل يربط بسلك أو ما شابه و من
ثمّ يوضع على عقدته شيء من الشمع أو الطين و يختم بختم معين، كل ذلك للتأكيد من وصوله
إلى المراد بدون أن تمتد إليه يد التلاعب.