أمّا اليوم فإنّنا نعلم أنّ القلم محور كل الحضارات و العلوم، و كلّ تقدم في
أي مجال من المجالات، و نعلم تفوق أهمية «مداد العلماء» على «دماء الشهداء»، لأنّ
هذا المداد هو الذي يكون الأساس القويم لدماء الشهداء و السند المتين له.
و لا نكون مغالين إذا قلنا أنّ مصير المجتمعات البشرية مرتبط بما تفرزه
الأقلام.
إصلاح المجتمعات البشرية يبدأ من الأقلام الملتزمة المؤمنة، و فساد المجتمعات
أيضا ينطلق من الأقلام المسمومة.
و لأهمية القلم يقسم القرآن به و بما يفرزه، أي بآلة الكتابة و بمحصولها: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ[1].
نعلم أنّ حياة البشرية تقسم على مرحلتين:
عصر التاريخ.
و عصر ما قبل التاريخ.
و عصر التاريخ يبدأ من استعمال القلم و الكتابة و القراءة ... من زمن اقتدار
الإنسان على أن يكتب بالقلم، و أن يخلف تراثا للأجيال، من هنا فتاريخ البشرية
مقرون بتاريخ ظهور القلم و الخط.
و حول دور القلم في حياة البشرية كان لنا وقفة طويلة في بداية تفسير سورة القلم.
من هنا فإنّ أساس الإسلام أقيم منذ البداية على أساس العلم و القلم ... و لذلك
استطاع قوم متخلفون أن يتقدموا في العلم و المعرفة حتى تأهّلوا- باعتراف الأعداء و
الأصدقاء- لتصدير علومهم إلى العالم! إن علم المسلمين و معارفهم هو الذي مزّق ظلام
القرون الوسطى في أوروبا و أدخلها عصر الحضارة. و هذا ما