هذه الآيات كما ذكرنا هي أوّل ما نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم على ما ذهب إليه أغلب المفسّرين أو جميعهم، و بذلك بدأ فصل جديد في تاريخ
البشرية، و أضحت الإنسانية مشمولة بأعظم الألطاف الإلهية و بأكمل الأديان و
خاتمها. و استمرّ نزول الوحي حتى اكتمل التشريع الإلهي بمصداق قوله سبحانه:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً[1]، و بذلك أتمّ اللّه نعمته على الأجيال البشرية
المتعاقبة حتى يرث اللّه الأرض و من عليها.
و المهمّ في الأمر أنّ هذه الآيات نزلت على نبيّ امي لم يتعلم القراءة و
الكتابة و في بيئة اجتماعية تسودها الامية و الجهل لتتحدث أوّل ما تتحدث عن العلم
و عن القلم مباشرة بعد ذكر نعمة الخلق! هذه الآيات تتحدث في الواقع أوّلا عن تكامل
«جسم» الإنسان من موجود تافه هو «العلقة»، ثمّ عن تكامل «روحه» بواسطة التعليم و
التعلّم خاصّة عن طريق القلم.
حين نزلت هذه الآيات لم تكن بيئة الحجاز وحدها بل كان العالم المتحضر في ذلك
العصر أيضا لا يعير أهمية تذكر للقلم.