قيل: إنّ «اقرأ» في هذه الآية تأكيد لإقرأ في الآية السابقة، و قيل: إنّها
تختلف عن الآية الاولى، فالاولى قراءة النبيّ لنفسه، و في الثّانية القراءة للناس
غير أنّ الرأي الأوّل أنسب، إذ لا يوجد دليل على اختلاف الإثنين.
و هذه الآية في الواقع جواب على
قول الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لجبرائيل: ما أنا بقارئ،
و هذه الآية تقول: إنّك قادر على القراءة بكرم الرّب و فضله و منّه.
ثمّ تصف الآيتان التاليتان الربّ الأكرم:
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ.
عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ.
و هاتان الآيتان أيضا تتجهان إلى الجواب على
قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما أنا بقارئ،
أي إنّ اللّه الذي علم البشر بالقلم و كشف لهم المجاهيل، قادر على أن يعلم
عبده الأمين القراءة و التلاوة.
جملة الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ تحتمل معنيين.
الأوّل: أنّ اللّه علم الإنسان الكتابة، و أعطاه هذه القدرة العظيمة التي هي
منبثق تاريخ البشر، و منطلق جميع العلوم و الفنون و الحضارات.
و الثّاني: المقصود أنّ اللّه علم الإنسان جميع العلوم عن طريق القلم و بوسيلة
الكتابة.
و بإيجاز إمّا أن يكون التعليم، تعليم الكتابة، أو تعليم العلوم عن طريق
الكتابة.
و هو- على أي حال- تعبير عميق المعنى في تلك اللحظات الحساسة من
[1]- جملة «و ربّك الأكرم» جملة
استئنافية مكونة من مبتدأ و خبر.