الحقيقة أنّ القسمين الأوّل و الثّاني يشيران إلى الآيات «الآفاقية»، و القسم
الثّالث إلى الآيات «الأنفسية» [1].
ثمّ يأتي الهدف النهائي من كلّ هذه الأقسام بقوله سبحانه: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى اتجاهات سعيكم مختلفة، و نتائجها مختلفة أيضا، هذا يعني أن أفراد البشر لا
يستقرون في حياتهم على حال ... بل هم في سعي مستمر ... و في استثمار دائم للطاقة
التي أودعها اللّه في نفوسهم ... فانظر أيّها الإنسان في أي مسير تبذل هذه الطاقة
التي هي رأس مال وجودك ... في أيّ اتجاه ... و في سبيل أيّة غاية؟! حذار من تبديد
كلّ هذه الطاقات في سبيل نتيجة تافهة ... و حذار من بيعها بثمن بخس! «شتى» جمع
«شتيت» من مادة «شتّ» أيّ فرّق الجمع، و هنا بمعنى التفرق و التشعب في المساعي من
حيث الكيفية و الهدف و النتيجة.
ثمّ يأتي تقسيم النّاس على قسمين، و يبيّن خصائص كلّ قسم، يقول سبحانه:
المقصود من الإعطاء في قوله: «أعطى» هو الإنفاق في سبيل اللّه و مساعدة
المحتاجين.
و التأكيد على «التقوى» عقب الإعطاء قد يشير إلى ضرورة تنزيه النية و إخلاص
القصد عند الإنفاق، و إلى الحصول على المال من طريق مشروع، و إنفاقه في طريق مشروع
أيضا، و إلى خلوه من المنّ و الأذى ... فكلّ هذه الصفات تجتمع في عنوان التقوى.
قال بعض إن «أعطى» إشارة إلى العبادات المالية و «اتقى» إشارة إلى سائر
[1]- هذا التقسيم للآيات مستلهم من
قوله سبحانه: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي
أَنْفُسِهِمْ.