على نصب خيامهم على المرتفعات، و إشعال النيران قربها في الليل، لتكون بادية
للمارّة ليل نهار، بينما أهل البخل و اللؤم يقبعون في المنخفضات كي لا يأتيهم أحد.
و قيل: إنّ المقصود اندساس المذنبين بين صفوف الصالحين.
و قيل: إنّ المذنب يدس نفسه أو هويته الإنسانية في المعاصي و الذنوب.
و قيل: إنّه يخفي المعاصي و الذنوب في نفسه.
و التعبير- على كل حال- كناية عن التلوث بالذنوب و المعاصي و الخصائل
الشيطانية، و بذلك يقع في المنطقة المقابلة للتزكية.
و الآية تحتمل في مفهومها الواسع كلّ هذه المعاني.
و بهذا المعيار يتمّ تمييز الفائزين عن الفاشلين في ساحة الحياة. «تزكية النفس
و تنميتها بروح التقوى و طاعة اللّه» أو «تلوثها بأنواع المعاصي و الذنوب».
الإمامان الباقر و الصادق عليهما السّلام قالا في تفسير الآية الكريمة: «قد أفلح من أطاع و خاب من عصى» [1].
و
عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال حين تلا الآية: «اللّهم آت نفسي تقواها، أنت وليها و مولاها، و زكّها أنت خير
من زكّاها» [2].
و هذا الحديث يدل على أن اجتياز تعاريج المسيرة الحياتية و العبور من العقبة
لا يتيسّر حتى لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلّا بتوفيق اللّه تعالى،
أي لا يتيسّر إلّا بعزم العبد و تأييد الباري، و لذلك
ورد في حديث آخر عن الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في تفسير الآيتين قوله: «أفلحت نفس زكّاها اللّه و خابت
نفس خيبها اللّه من كلّ خير» [3].