و هذه الحالة تشمل كلّ أبناء البشر دونما استثناء، بمن فيهم أنبياء اللّه و
أولياؤه الصالحون.
و إذا خيل إلينا أن ثمّة مجتمعات تبدو بعيدة عن الآلام و الأتعاب و تعيش في
دعة و رفاه، فذلك نتيجة نظرة سطحية، و لو تعمقنا في دراسة هذه المجتمعات، و نظرنا
إليها عن كثب لتلمسنا ما تعانيه من عميق الألم و شدّة النصب .. ثمّ إذا كان هناك
استثناءات مكانية و زمانية محدودة من هذه الحالة العامة فلا ينتقض القانون العام
للحياة أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ
أَحَدٌ. [1] فما يحيط بالإنسان من مكابدة يدلّ على ضعف قدرته، هذه
الحقيقة تردّ على أولئك الذين يمتطون مركب الغرور، و يخالون أنّهم في مأمن من
العقاب الإلهي أو أنّهم مانعتهم حصونهم و مناصبهم و ثرواتهم، فيرتكبون الذنوب و
يمارسون العدوان و يديرون ظهورهم لشريعة اللّه.
و يحتمل أنّ المقصود هم الأثرياء الذين يتصورون أنّ لا أحد بإمكانه سلب ثروتهم
منهم ... و قيل أنّ المراد من الآية الأشخاص الذين يتصورون بأنّه لا أحد يحاسبهم
على أعمالهم.
و لكن مفهوم الآية عام بإمكانه أن يستوعب جميع هذه التّفاسير.
و قيل إنّ الآية أشارت إلى «أبي الأسد بن كلدة» و هو رجل من «جمح» كان قويا
شديد الخلق بحيث يجلس على أديم عكاظي فتجرّه عشرة رجال من تحته فينقطع و لا يبرح من
مكانه [2].
غير أن إشارة الآية إلى فرد، أو أفراد مغرورين لا يمنع شمولية مفهومها.
يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً.
[1]- «أن» في الآية مخففة من الثقيلة
و التقدير: أنّه لن يقدر عليه أحد.