وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ للمفسّرين آراء عديدة عن المقصود بالوالد و الولد في الآية.
قيل: إنّ الوالد إبراهيم الخليل و الولد إسماعيل الذبيح.
و التّفسير هذا يتناسب مع القسم بمكّة ... و نعلم أنّ إبراهيم و ابنه رفعا
القواعد من البيت، و بذلك وضعا حجر أساس البلد الأمين. و العرب في الجاهلية كانوا
يجلّون إبراهيم و ابنه و يفخرون في الانتساب إليهما.
و قيل: إنّ المقصود بالوالد و الولد آدم و ذرّيته.
و قيل: آدم و الأنبياء من ذرّيته.
و قيل: كلّ والد و ما ولد. متوالي الأجيال.
و تعاقبها بالولادة من أعجب بدائع الكون، و لذلك خصّها اللّه تعالى بالقسم و
لا يستبعد الجمع بين هذه التفاسير و إن كان الأوّل أنسب.
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ.
و هذا هو الهدف النهائي للقسم «الكبد» كما يقول الطبرسي في مجمع البيان في
الأصل بمعنى «الشدّة» و لذا يقال للّبن إذا استغلظ «تكبّد اللّبن» و لكن كما يقول
الراغب في مفرداته أنّ «كبد» ألم يصيب الكبد، ثمّ اطلق على كلّ ألم و مشقّة.
نعم ... الإنسان يمرّ في دورة حياته بمراحل كلّها مشوبة بالألم و مقرونة
بالعناء. منذ أن يستقرّ نطفة في رحم امه حتى ولادته، ثمّ بعد ولادته في مراحل
طفولته و شبابه و شيخوخته يعاني من ألوان و المشاق و الآلام، هذه طبيعة الحياة، و
من توقّع منها غير ذلك خيّبت ظنّه. يقول الشاعر: