و تتوج تلك النفوس الطاهرة بتاج العبودية، لتدخل في صف المقرّبين عند اللّه، و
لتحصل على إذن دخول جنان الخلد، و ما قوله تعالى: «جنتي» إلّا للإشارة إلى أنّ
المضيف هو اللّه جلّ جلاله ... فما أروعها من دعوة! و ما أعظمه و أكرمه من داع! و
ما أسعده من مدعو! و يراد بالنفس هنا: الروح الإنسانية.
«المطمئنة»: إشارة إلى الاطمئنان
الحاصل من الإيمان، بدلالة الآية (28) من سورة الرعد: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.
و يعود اطمئنان النفس، لاطمئنانها بالوعود الإلهية من جهة، و لاطمئنانها لما
اختارت من طريق ..
و هي مطمئنة في الدنيا سواء أقبلت عليها أم أدبرت، و مطمئنة عند أهوال حوادث
يوم القيامة الرهيبة أيضا.
أمّا (الرجوع إلى اللّه)، فهو- على قول جمع من المفسّرين- رجوع إلى ثوابه و
رحمته ..
و لكنّ الأنسب أن يقال: إنّه رجوع إليه جلّ و علا، رجوع إلى جواره و قربه
بمعناها الروحي المعنوي، و ليست بمعناها المكاني و الجسماني.
و ثمّة سؤال يرد إلى الذهن .. متى ستكون دعوته المباركة، هل ستكون بعد مفارقة
الروح البدن، أم في يوم القيامة؟؟
لو أخذنا بظاهر الآيات المباركة، فسياقها يرتبط بالقيامة، و إن كان تعبير
الآية ذو شمولية.
«راضية»: لما ترى من تحقق الوعود
الإلهية بالثواب و النعيم بأكثر ممّا كانت تتصور، و شمول العبد برحمة و فضل اللّه سيدخل
في قلبه الرضا بكلّ ما يحمل الرضا من معان و أكثر.