فعبد بما ذكر من أوصاف، بلا شكّ مكانه الجنّة، و ذلك لأنّه عمل بكلّ ما يملك
في سبيل رضوان معبوده الأحد الصمد، و وصل في عمله لمقام الرضا التام و التسليم
الكامل لخالقه تبارك و تعالى، حتى نال و سام حقيقة العبودية، و دخل طائعا و واثقا
في صف عباد اللّه الصالحين ..
و قد خصّ بعض المفسّرين سبب نزول هذه الآيات في (حمزة سيد الشهداء)، و لكن
بلحاظ كون السّورة مكّية، فيمكن اعتبار ذلك أحد تطبيقات (مصاديق) الآيات و ليس
شأنا للنزول، كما هو الحال في ما ذكرنا في أوّل السّورة بشأن الإمام الحسين عليه
السّلام.
روي أنّ أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السّلام
قد سأله قائلا: جعلت فداك يا ابن رسول اللّه، هل يكره المؤمن على قبض روحه؟
قال: «لا و اللّه، إنّه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك، فيقول له
ملك الموت: يا وليّ اللّه، لا تجزع، فو الذي بعث محمّدا لأنا أ برّبك و أشفق عليك
من والد رحيم لو حضرك، افتح عينيك فانظر، قال: و يمثل له رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة من ذريتهم
عليهم السّلام، فيقال له: هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمير
المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة عليهم السّلام رفقاؤك، قال: فيفتح
عينيه فينظر، فينادي روحه مناد من قبل ربّ العزّة فيقول: «يا أيّتها النفس
المطمئنة (إلى محمّد و أهل بيته) ارجعي إلى ربّك راضية (بالولاية) مرضيّة
(بالثواب) فادخلي في عبادي (يعني محمّدا و أهل بيته) و ادخلي جنّتي»، فما شيء
أحبّ إليه من استلال روحه و اللحوق بالمنادي» [1].
اللّهمّ! اجعل نفوسنا مطمئنة ليشملنا خطابك الكريم ..
اللّهمّ! و لا ينال ذلك إلّا بلطفك، فاغمرنا به ..
[1]- الكافي، ج 3، ص 127، باب إنّ
المؤمن لا يكره على قبض روحه، الحديث 2.