الثّاني: عدم الإنفاق من الإرث على المحرومين و الفقراء من الأقرباء و غيرهم،
فإن كنتم تبخلون بهذه الأموال التي وصلت إليكم بلا عناء، فأنتم أبخل فيما تكدّون
في تحصيله، و هذا عيب كبير فيكم.
الثّالث: هو أكل إرث اليتامى و التجاوز على حقوق الصغار، و ذلك من أقبح
الذنوب، لأنّ فيه استغلال فاحش لحقّ من لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
ثمّ يأتي الذّم الرّابع: وَ
تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا[2].
فأنتم .. عبدة دنيا، طالبي ثروة، عشاق مال و متاع .. و من يكون بهذه الحال فمن
الطبيعي أن لا يعتني في جمعه للمال، أ كان من حلال أم من حرام، و من الطبيعي أيضا
أن يتجاوز على الحقوق الشرعية المترتبة عليه، بأن لا ينفقها أو ينقص منها .. و من
الطبيعي كذلك إنّ القلب الذي امتلأ بحبّ المال و الدنيا سوف لا يبقى فيه محل لذكر
اللّه عزّ و جلّ.
و لذا نجد القرآن الكريم بعد ذكره لمسألة امتحان الإنسان، يتعرض لأربعة
اختبارات يفشل فيها المجرمين.
إكرام اليتيم.
إطعام المسكين.
أسهم الإرث.
و جمعه من طريق مشروع و غير مشروع.
و جمع المال بدون قيد أو شرط.
و الملاحظ أنّ الاختبارات المذكورة إنّما تدور حول محور الأموال، للإشارة ما
للمال من مطبات مهلكة، و لو تجاوزها الإنسان لسهلت عليه بقية العقبات في
[1]- «تراث»: في الأصل (وراث)، ثمّ
أبدلت الواو تاء.
[2]- «الجم»: بمعنى الكثير، كما جاء
في (مصباح اللغة)، و (المقاييس)، و (الجمّة) الشعر المتجمع في مقدمة الرأس.