يغتدي كل
يوم بكرة من القصر، فيطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا، و معه الدّرة على عاتقه
(لمعاقبة المخالفين)، فينادي: يا معشر التجّار اتقوا اللّه عزّ و جلّ، فإذا سمعوا
صوته عليه السّلام ألقوا ما بأيديهم، و أرعوا إليه بقلوبهم، و سمعوا بآذانهم،
فيقول عليه السّلام: قدموا الإستخارة، و تبركوا بالسهولة، و اقتربوا من المبتاعين،
و تزيّنوا بالحلم، و تناهوا عن اليمين، و جانبوا الكذب، و تجافوا عن الظلم، و
أنصفوا المظلومين، و لا تقربوا الربا، و أوفوا الكيل و الميزان، و لا تبخسوا
النّاس أشياءهم، و لا تعثوا في الأرض مفسدين، فيطوف عليه السّلام في جميع أسواق
الكوفة ثمّ يرجع فيقعد للناس» [1].
و بشأن نزول
الآيات،
قال النّبي
الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «و لا طففوا الكيل إلّا
منعوا النبات و أخذوا بالسنين».
و زبدة ما
تقدم: يعتبر التطفيف في الميزان من العوامل الأساسية في عذاب و هلاك بعض الأمم
السالفة، حيث أدى ذلك إلى اختلال النظام الاقتصادي عندهم من جهة، و إلى نزول
العذاب الإلهي عليهم من جهة أخرى.
و قد حثّت
الرّوايات الواردة في خصوص آداب التجارة على الأخذ ناقصا و العطاء راجحا، أي بعكس
سلوكية من ذمتهم الآيات المبحوثة، فهم يأخذون بدقّة و يعطون ناقصا.
[2] و كما قلنا في تفسير الآية، فثمّة من يذهب إلى أنّ مفهوم التطفيف
أوسع من أن يحدد بالكيل و الميزان، و يمتد ليشمل أيّ انقاص في عمل، و أيّ تقصير في
أداء وظيفة فردية أو اجتماعية أو إلهية.
***
______________________________
(1)- المصدر السابق، الحديث 3.
(2)- و لمزيد من الاطلاع ... راجع وسائل الشيعة،
ج 12، ص 290، أبواب التجارة، الباب 7.