اللّه راضي عنه لأنّه يفعم بالنعم الإلهية، و أن فلان قد سخط عليه اللّه لأنّه
محروم من نعم كثيرة، و لا بدّ لنا من الرجوع إلى المعايير الثابتة عند القيام
بعملية التشخيص و التقييم، فالعلم و الإيمان و التقوى هي أسس التقييم، و ليس ظاهر
التمتع بحالة السراء ..
فما أكثر الأنبياء الذين تناوشتهم أنياب البلايا و المصائب، و ما أكثر
الكافرين و الطغاة الذين تنعموا بمختلف ملاذ الدنيا، إنّها من سنن طبيعة الحياة
الدنيا، و لكن ..
أين الأنبياء من الكافرين و .. عقبى الدار؟! فالآية إذن، تشير إلى فلسفة
البلاء، و ما يصيب الإنسان من محن و إحن في دنياه.
و توجه الآيتان التاليتان نظر إلى الإنسان و الأعمال التي تؤدّي بحقّ للبعد عن
اللّه، و توجب عقابه: كَلَّا فليس الأمر كما تظنون من أنّ أموالكم دليل على قربكم من
اللّه، لأنّ أعمالكم تشهد ببعدكم عنه، بَلْ لا
تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ .. وَ لا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ.
و الملاحظ أنّ الآية لم تخص اليتيم بالإطعام بل بالإكرام، لأنّ الوضع النفسي و
العاطفي لليتيم أهم بكثير من مسألة جوعه.
فلا ينبغي لليتيم أن يعيش حالة الانكسار و الذلة بفقدان أبيه، و ينبغي
الاعتناء به و إكرامه لسدّ الثغرة التي تسببت برحيل أبيه، و قد أولت الأحاديث
الشريفة و الرّوايات هذا الجانب أهمية خاصّة، و أكّدت على ضرورة رعاية و إكرام
اليتيم.
فعن الإمام الصادق عليه السّلام، إنّه قال: «ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم رحمة له إلّا أعطاه اللّه بكلّ شعرة نورا
يوم القيامة» [1].
و تقول الآية (9) من سورة الضحى: فَأَمَّا
الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ.