الثّالث: إنّ الآية تشير إلى تكوّن الفحم الحجري من النباتات و الأشجار.
فكما هو معلوم، إنّ الفحم الحجري، و الذي يعتبر من المصادر المهمّة للطاقة، قد
تكوّن من النباتات و الأشجار التي يبست منذ ملايين السنين، و دفنت في الأرض حتى تحجرت
و اسود لونها بمرور الزمان.
و يعتقد بعض العلماء، بأنّ مناجم الفحم الحجري قد تكوّنت من جراء النباتات
اليابسة المدفونة في داخل الأرض منذ (250) مليون سنة تقريبا! و لو أخذنا بنظر
الاعتبار مقدار الاستهلاك الفعلي للفحم الحجري في العالم، لوجدنا أنّها تؤمن احتياج
النّاس لأكثر من (4000) سنة.
و تفسير الآية بالمعنى الأخير دون غير بعيد حسب الظاهر، و لا يستبعد أن تكون
الآية قد أرادت كل ما جاء في المعاني الثلاث أعلاه.
و على أيّة حال، فللغثاء الأحوى منافع كثيرة .. فهو غذاء جيد للحيوانات في
الشتاء، و يستعمل كسماد طبيعي للأرض، و كذا يستعمله الإنسان كوقود.
فما ذكرته الآيات من صفات الربوبية، الأعلى، الخلق، التسوية، التقدير، الهداية
و إخراج المرعى، توصلنا إلى الربوبية الحقّة للّه جلّ و علا، و بقليل من التأمل
يتمكن أيّ إنسان من إدراك هذا المعنى، ليصل نور الإيمان إلى قلبه، فيشكر المنعم
على ما أعطى.
بحث
مسألة التقدير و الهداية العامّة للموجودات، التي تناولتها الآيات الآنفة
الذكر كمظهر من مظاهر ربوبية اللّه عزّ و جلّ، تعتبر من المسائل الحيوية و التي
كلما تقدم الزمان و توسعت مدارك و علوم الإنسان، إزداد في الوصول إلى حقائق جديدة تضاف
إلى معلوماته السابقة.