responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 575

التّفسير

لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ‌:

كانت الآيات السابقة قد بيّنت علائم المؤمنين الصادقين، و حيث أنّا ذكرنا في شأن النّزول أنّ جماعة جاؤوا النّبي صلى اللَّه عليه و آله و سلّم و قالوا إنّ ادّعاءهم كان حقيقة و إنّ الإيمان مستقر في قلوبهم، فإنّ هذه الآيات تنذرهم و تبيّن لهم أنّه لا حاجة إلى الإصرار و القسم، كما أنّ هذا البيان و الإنذار هو لجميع الذين على شاكلة تلك الجماعة، فمسألة (الكفر و الإيمان) إنّما يطّلع عليها اللَّه الخبير بكل شي‌ء! و لحن الآيات فيه عتاب و ملامة، إذ تقول الآية الأولى من الآيات محل البحث: قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ‌.

و لمزيد التأكيد تقول الآية أيضا: وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‌ءٍ عَلِيمٌ‌. فذاته المقدّسة هي علمه بعينه و علمه هو ذاته بعينها [1] و لذلك فإنّ علمه أزلي أبدي! ذاته المقدّسة في كلّ مكان حاضرة، و هو أقرب إليكم من حبل الوريد، و يحول بين المرء و قلبه، فمع هذه الحال لا حاجة لادّعائكم، و هو يعرف الصادقين من الكاذبين و مطّلع على أعماق أنفسهم حتى درجات إيمانهم المتفاوتة ضعفا و قوّة، و قد تنطلي عليهم أنفسهم، إلّا أنّه يعرفها بجلاء، فعلام تصرون أن تعلّموا اللَّه بدينكم؟! ثمّ يعود القرآن لكلمات الأعراب من أهل البادية الذين يمنّون على النّبي بأنّهم أسلموا و أنّهم أذعنوا لدينه في الوقت الذي حاربته القبائل العربية الأخرى.

فيقول القرآن جوابا على كلماتهم هذه: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‌.


[1]- يشيع على ألسنة بعضهم التعبير ب «صفاته عين ذاته و ذاته عين صفاته» و ما أشبه ذلك و هذا التعبير ركيك و الصحيح ما ورد في المتن (المصحّح).

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 575
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست