الغيبة فهو آخر من يدخل الجنة، و من مات مصرا عليه فهو أوّل من يدخل النّار» [1].
كما نقرأ
حديثا آخر عن النّبي صلى اللَّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه» [2].
و هذا التشبيه يدلّ على أن الاغتياب كمثل الجرب الذي يأكل اللحم، فإنّه يذهب
بالإيمان بسرعة.
و مع الالتفات إلى أنّ بواعث الغيبة و دوافعها أمور متعدّدة كالحسد و التكبّر
و البخل و الحقد و الأنانية و أمثالها من صفات دميمة و قبيحة يتّضح السرّ في سبب
كون الغيبة و تلويث سمعة المسلمين و هتك حرمتهم لها هذا الأثر المدمّر لإيمان
الشخص.
و الروايات الإسلامية في هذا الصدد كثيرة، و نختتم بحثنا هذا بذكر حديث آخر
نقل عن الإمام الصادق عليه السّلام إذ يقول: «من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروّته ليسقط من أعين الناس
أخرجه اللَّه من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان» [3].
إنّ جميع هذه التأكيدات و العبارات المثيرة إنما هي للأهمية القصوى التي
يوليها الإسلام لصون ماء الوجه و حيثيّة المؤمنين الاجتماعية، و كذلك للأثر
المخرّب- الذي تتركه الغيبة- في وحدة المجتمع و الاعتماد المتبادل في القلوب، و
أسوأ من كل ذلك أنت الغيبة تسوق إلى إشعال نار العداوة و البغضاء و النفاق و إشاعة
الفحشاء في المجتمع. لأنّه حين تنكشف عيوب الناس الخفيّة عن طريق الغيبة لا تبقى
لها خطورة في أعين الناس و يكون التلوّث بها في غاية البساطة!