و خليفته المنتخب من قبل المسلمين و سفكوا الدماء الغزيرة مشمولون برضوان
اللّه و لا غبار عليهم من الذنب و الإثم؟! و أعجب من ذلك كله أن يعتذر- عن أولئك
الذين أخطأوا كلّ هذه الأخطاء و فعلوا ما فعلوا- بأنّهم مجتهدون، و المجتهد معذور!
هكذا وجّهوا الأمر!! و إذا أمكن أن توجّه أمثال هذه الذنوب الكبيرة على أنّها
اجتهاد فلا مجال لملامة أي قاتل، و لا داعي لإقامة حدود اللّه في شأنه!! فلعلّه
اجتهد فأخطأ!! ...
و بتعبير آخر: أنّه قد تقابلت في معركة الجمل و صفّين و النهروان طائفتان
متحاربتان و من المسلّم به قطعا أنّهما لم تكونا جميعا على الحق، لأنّ الجمع بين
الضدّين محال، فمع هذا التقدير كيف يمكن القول بأنّ الطائفتين كلتيهما مشمولتان
برضا اللّه، و المسألة لم تكن من المسائل العويصة الملتوية و لم يكن التمييز بين
الحق و الباطل صعبا و لا مشكلا ... فالجميع كانوا يعرفون أنّ عليا عليه السّلام
أمّا طبقا لنص النّبي عليه أو بانتخاب المسلمين هو الخليفة الحق و مع هذا فقد
واجهوه بالسيف، فكيف يوجه هذا العمل عن طريق الاجتهاد؟
و لم لا يوجّهون قيام «أصحاب الردّة» في زمان أبي بكر عن طريق الاجتهاد و
عدوّهم مرتدّين رسما ... غير أنّهم برّأوا أصحاب الجمل و صفّين و النهروان من أي
ذنب و إثم!!؟
و على كلّ حال ... يبدو أنّ مسألة «تنزيه الصحابة» بصورة مطلقة كانت حكما
سياسيا لتحفّظ جماعة بعد النّبي موقعها و تعوّل على هذا الحكم، و تصون نفسها من
الانتقاد ...
و هذا الموضوع لا ينسجم مع حكم العقل و لا مع التواريخ الإسلامية المسلّم بها
...
و ما أحسن أن نحتكم في شأن أصحاب النّبي في الوقت الذي نجلّهم و نحترمهم ذاته-
إلى معيار يقضي عليهم بالحق من خلال أعمالهم و عقائدهم عبر حياتهم من