منهما خرج عن خطّ الإحسان فلن يشمله رضا اللّه و لطفه ...
الثانية: أنّه يستفاد من الروايات الإسلامية أنّ أصحاب النّبي و إن امتازوا
بشرف صحبته، إلّا أنّ من يأتي بعدهم في الفترات المقبلة و هم ذوو عمل صالح و إيمان
راسخ أفضل منهم من جهة واحدة و هي أنّ أصحاب النّبي شهدوا معاجزه بجميع أنواعها
غير أنّ الآخرين اتبعوا منهاجه دون مشاهدتها و ساروا على هداه بالإفادة من الدلائل
الأخر ...
و نقرأ
في بعض أحاديث النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه سأله أصحابه: «نحن إخوانك يا رسول اللّه؟! قال: لا أنتم أصحابي، و
إخواني الذين يأتون بعدي. آمنوا بي و لم يروني، و قال: للعامل منهم أجر خمسين
منكم، قالوا: بل منهم يا رسول اللّه؟! قال: بل منكم ردّدها ثلاثا، ثمّ قال: لأنّكم
تجدون على الخير أعوانا» [1].
كما
نقل في صحيح مسلم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «وددت أنّا قد رأينا إخواننا، قالوا: أو لسنا إخوانك يا
رسول اللّه؟! فقال: أنتم أصحابي و إخوانا الذين لم يأتوا بعد» [2].
و يؤيّد العقل و المنطق هذه المقولة أيضا حيث إنّ من لم يدركوا رسول اللّه و
لم يتعلّموا بين يديه و هم في الوقت ذاته مثل أصحابه من حيث الإيمان و العمل
الصالح فهم أفضل من الصحابة ...
الثالثة: إنّ هذا الكلام من وجهة النظر التاريخية مقدوح فيه كثيرا لأنّ بعض
الصحابة بعد زمان النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم بل حتى في عصره حاد عن جادّة
الصواب ...
فكيف يمكن أن نبرّئ الذين أشعلوا نار فتنة «الجمل» و قتلوا ما قتلوا و حملوا
على خليفة رسول اللّه حقّا بالسيف و لا نعدّهم آثمين خاطئين ...
أو أن نقول إنّ الذين اجتمعوا في النهروان و صفّين و ثاروا على وصي رسول
اللّه