responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 482

و قبلوا بالعودة إلى المدينة من الحديبيّة دون أن يستجيبوا لهوى عشقهم بالبيت و يؤدّوا مناسك العمرة! و نحروا هديهم خلافا للسنّة التي في الحج أو العمرة في المكان ذاته و أحلّوا من إحرامهم دون أداء المناسك! ..

أجل، لقد رضوا بمرارة أن يصبروا إزاء كلّ المشاكل الصعبة، و لو كانت فيهم حميّة الجاهلية لكان واحد من هذه الأمور الآنفة كفيلا أن يشعل الحرب بينهم في تلك الأرض! أجل .. إنّ الثقافة الجاهلية تدعو إلى «الحمية» و «التعصّب» و «الحفيظة الجاهلية»، غير أنّ الثقافة الإسلامية تدعو إلى «السكينة» و «الاطمئنان» و «ضبط النفس».

ثمّ يضيف القرآن في هذا الصدد قائلا: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى‌ وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها ..

(كلمة) هنا بمعنى «روح»، و معنى الآية أنّ اللّه ألقى روح التقوى في قلوب أولئك المؤمنين و جعلها ملازمة لهم و معهم، كما نقرأ- في هذا المعنى- أيضا الآية (171) من سورة النساء في شأن عيسى بن مريم إذ تقول الآية: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى‌ مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ‌.

و احتمل بعض المفسّرين أنّ المراد من «كلمة التقوى» ما أمر اللّه به المؤمنين في هذا الصدد! إلّا أنّ المناسب هو «روح التقوى» التي تحمل مفهوما تكوينيا، و هي وليدة الإيمان و السكينة و الالتزام القلبي بأوامر اللّه سبحانه، لذا ورد في بعض الروايات عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم أنّ المراد بكلمة التقوى هو كلمة لا إله إلّا اللّه‌ [1]، و في رواية عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّه فسّرها بالإيمان‌ [2].


[1]- الدر المنثور، الجزء 6، ص 80.

[2]- أصول الكافي طبقا لما نقل في تفسير نور الثقلين، ج 5، ص 73.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 482
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست