responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 46

فإن قيل: إنّ جملة: رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ‌ دليل على عدم العدالة الاجتماعية.

قلنا: هذا يصحّ في حالة تفسير العدالة بالمساواة، في حين أنّ العدالة تعني وضع كلّ شي‌ء في محلّه ضمن منظومته، فهل أنّ وجود سلسلة المراجع و الرتب في فرقة عسكريّة، أو تنظيم إداري، أو في الدولة، دليل على وجود الظلم في تلك الأجهزة؟

من الممكن أن يستعمل بعض الناس كلمة «المساواة» في مجال الشعارات من دون الالتفات إلى معناها الواقعي، أمّا في الواقع العملي فلا يمكن أن يتمّ أو يقوم أي نظام بدون الاختلاف و التفاوت، غير أنّ هذا التفاوت يجب أن لا يكون ذريعة لأنّ يستغل الإنسان أخاه الإنسان أبدا، بل يجب أن يكون الجميع أحرارا في استعمال قواهم الخلاقة، و تنمية نبوغهم و إبداعهم، و الاستفادة من نتائج نشاطاتهم بدون زيادة أو نقصان، و أمّا في حال عجزهم فيجب على القادرين أن يجدوا و يجتهدوا في رفع النواقص و سد ما يحتاجونه.

و أمّا فيما يتعلق بالسؤال الثّاني، و هو: كيف يمكن المحافظة على شعلة الجهاد و السعي و الاجتهاد و هاجة مع كون الرزق معينا؟ فإنّ الاشتباه ناشئ من تصورهم أن اللَّه سبحانه لم يجعل لسعي الإنسان و اجتهاده أي أثر أو دور.

صحيح أنّ اللَّه سبحانه خلق القابليات متفاوتة لمختلف النشاطات، و صحيح أنّ العوامل الخارجة عن إرادة الإنسان مؤثّرة في مسير حياته، لكن مع ذلك فإنّه سبحانه قد جعل سعيه، و اجتهاده أيضا أحد العوامل الأساسيّة، و أوضح سبحانه ببيان أصل: أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‌ [1]، أنّ سعادة الإنسان و ما يجنيه و يحصل عليه يرتبط بسعيه و اجتهاده.

و على أيّة حال، فإنّ النكتة الغامضة و الدقيقة تكمن في أنّ البشر ليسوا


[1]- النجم، الآية 39.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست