و ميادين الراحة غير مقبول بأي وجه و دليل على نفاقكم أو ضعف إيمانكم و جبنكم.
الطريف هنا أنّ القرآن كرر التعبير بالمخلّفين في آياته، و بدلا من الاستفادة
من الضمير فقد عوّل على الاسم الظاهر.
و هذا التعبير خاصة جاء بصيغة اسم المفعول «المخلّفين» أي المتروكين وراء
الظهر، و هو إشارة إلى أنّ المسلمين المؤمنين حين كانوا يشاهدون ضعف هؤلاء و
تذرعهم بالحيل كانوا يخلّفونهم وراء ظهورهم و لا يعتنون أو يكترثون بكلامهم! و
يسرعون إلى ميادين الجهاد!.
و لكنّ من هم هؤلاء القوم المعبّر عنهم ب «أولي بأس شديد» في الآية و أي جماعة
هم؟! هناك كلام بين المفسّرين ...
و جملة تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ تدلّ على أنّهم ليسوا من أهل الكتاب، لأنّ أهل الكتاب لا
يجبرون على قبول الإسلام، بل يخيّرون بين قبوله أو دفع الجزية و الحياة مع
المسلمين على شروط أهل الذمّة.
و إنّما الذين لا يقبل منهم إلّا الإسلام هم المشركون و عبدة الأصنام فحسب،
لأنّ الإسلام لا يعترف بعبادة الأصنام دينا و يرى انّه لا بدّ من إجبار الناس على
ترك عبادتها.
و مع الالتفات إلى أنّه لم تقع معركة مهمّة في عصر النّبي بعد حادثة الحديبيّة
مع المشركين سوى فتح مكّة و غزوة حنين، فيمكن أن تكون الآية المتقدّمة إشارة إلى
ذلك و خاصّة غزوة حنين لأنّها اشترك فيها أولو بأس شديد من «هوازن» و «بني سعد».
و ما يراه بعض المفسّرين من احتمال أنّ الآية تشير إلى غزوة (مؤتة) التي حدثت
مع أهل الروم فهذا بعيد، لأنّ أهل الروم كانوا كتابيين.
و احتمال أنّ المراد منها الغزوات التي حدثت بعد النّبي و من جملتها غزوة