الآثار السياسية و الاجتماعية و المذهبية لصلح الحديبية:
يتّضح بمقايسة إجمالية بين حال المسلمين في السنة السادسة للهجرة «أي عند صلح
الحديبية» و حالهم بعدها بسنتين حيث تحرّك المسلمون لفتح مكّة بعشرة آلاف مقاتل
ليردّوا على نقض العهد بشدّة، و قد فتحوا مكّة دون أية مواجهة عسكرية لأنّ قريشا
لم تجد في نفسها القدرة على المقاومة أبدا.
يتّضح بهذه المقايسة الإجمالية- سعة ردّ الفعل- التي أحدثتها معاهدة صلح
الحديبية! ..
و باختصار فإنّ المسلمين حصلوا على امتيازات عديدة من وراء هذا الصلح و فتحا
كبيرا نذكرها على النحو التالي:
1- بيّنوا عمليا للمضللين من أهل مكّة أنّهم ليس لديهم نيّة للحرب و سفك
الدماء و أنّهم يحترمون مكّة و كعبتها المقدسة و كان هذا الأمر سببا لاكتساب قلوب
الكثيرين نحو الإسلام.
2- اعترفت قريش لأوّل مرّة بالإسلام و المسلمين «بصورة رسمية» و كان ذلك سببا
لتثبيت موقعهم في جزيرة العرب! ...
3- استطاع المسلمون بعد صلح الحديبيّة أن يمضوا حيث يشاءون و أن تبقى أرواحهم
و أموالهم في مأمن من الخطر و اتصلوا بالمشركين من قريب اتصالا أثمر نتيجته، فكان
أن عرف المشركون الإسلام بصورة أكثر و استرعى أنظارهم نحوه!.
4- انفتح الطريق بعد صلح الحديبيّة لنشر الإسلام في الجزيرة العربية. و أثار
موقف النّبي الإيجابي من الصلح القبائل العربية و أصلح نظرتها إلى الإسلام و رسوله
الكريم. و حصل المسلمون على مجال إعلامي واسع في هذا الصدد.
5- هيّأ صلح الحديبيّة الطريق لفتح «خيبر» و استئصال هذه الغدة السرطانية
«المتمثلة باليهود» و التي كانت تشكل خطرا مهمّا «بالفعل و القوّة» على الإسلام و
المسلمين!