responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 35

السكارى و المغرورين، لأنّ (المترف) من مادة (الترفّه) أي كثرة النعمة، و لما كان كثير من المنعمين يغرقون في الشهوات و الأهواء، فإنّ كلمة «المترف» تعني من طغى بالنعمة و غرق في سكرتها و أصبح مغرورا [1]، و مصداق ذلك- على الأغلب- الملوك و الجبابرة و الأثرياء المستكبرون و الأنانيون.

نعم، هؤلاء هم الذين تتعرض مصالحهم و أنانيّاتهم للفناء بثورة الأنبياء، و يحدق الخطر بمنافعهم و ثرواتهم اللامشروعة، و يتحرّر المستضعفون من مخالبهم، و لهذا كانوا يسعون إلى تخدير الناس و إبقائهم جهلاء بمختلف الأساليب و الحيل. و أغلب فساد الدنيا ينبع من هؤلاء المترفين الذين يتواجدون في أماكن الظلم و التعدي و المعصية و الفساد و الرذيلة.

و جدير بالذكر، أنّنا قرأنا في الآية السابقة أن هؤلاء كانوا يقولون: إِنَّا عَلى‌ آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ‌ و هنا يذكر القرآن أنّهم يقولون: وَ إِنَّا عَلى‌ آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ‌ و بالرغم من أن التعبيرين يعودان إلى معنى واحد في الحقيقة، إلّا أنّ التعبير الأوّل إشارة إلى دعوى أحقيّة مذهب الآباء، و التعبير الثّاني إشارة إلى إصرار هؤلاء.

و ثباتهم على اتباع الآباء و الاقتداء بهم.

و على أية حال فإنّ هذه الآية نوع من التسلية لخاطر النّبي الأكرم صلى اللَّه عليه و آله و سلّم و المؤمنين ليعلموا أن ذرائع المشركين و استدلالاتهم هذه ليست بالشي‌ء الجديد، إذ أنّ هذا الطريق سلكه كل المنحرفين الضالين على مر التأريخ.

و تبيّن الآية التالية جواب الأنبياء السابقين على حجج هؤلاء المشركين و المنحرفين بوضوح تام، فتقول: قالَ أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى‌ مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ‌ [2]؟


[1]- تقرأ في لسان العرب: أترفته النعمة، أي: أطغته.

[2]- لهذه الجملة محذوف تقديره: أتتبعون آباءكم و لو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم. تفسير الكشاف المراغي، القرطبي، و روح المعاني.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست