responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 347

وحده: وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ [1].

و إذا كان هؤلاء يتنفّرون من هذه الأمور، فمن الطبيعي أن لا يخطوا خطوة في هذا المسير، و لقد كانت كلّ مساعيهم و جهودهم في مسير الباطل و خدمته، فمن الطبيعي أيضا أن تحبط كلّ هذه الأعمال.

و جاء في حديث عن الإمام الباقر عليه السّلام: «كرهوا ما أنزل اللّه في حق علي» [2].

و معلوم أنّ التعبير ما أَنْزَلَ اللَّهُ‌ معنى واسعا، و مسألة ولاية أمير المؤمنين علي عليه السّلام أحد مصاديقه الواضحة، لا أنّ معناه منحصر فيها.

و لمّا كان القرآن الكريم في كثير من الموارد يعرض للظالمين العاصين نماذج محسوسة، فقد دعاهم هنا أيضا إلى التدبّر في أحوال الماضين، فقال: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ‌؟

و من أجل أن لا يظنّ هؤلاء أنّ ذلك المصير المشؤوم كان مختصّا بالأقوام الطاغين الماضين، فقد أضافت الآية: وَ لِلْكافِرِينَ أَمْثالُها [3].

فلا يظنّوا أنّهم في منأى من العقاب المشابه لذلك العقاب إن هم عملوا أعمالا تشابه أعمال الماضين، فليسيروا في الأرض و لينظروا آثار الذين من قبلهم، ثمّ لينظروا مستقبلهم من خلال سنن التأريخ.

و الجدير بالانتباه أنّ (دمّر) من مادة (تدمير)، و هي من الأصل بمعنى الإهلاك و الإفناء، أمّا إذا أتت مع (على) فإنّها تعني إهلاك كلّ شي‌ء حتى الأولاد و الأهل و العشيرة و الأموال الخاصّة بالإنسان‌ [4]. و على هذا فإنّ هذا التعبير بيان لمصيبة أليمة، خاصة بملاحظة لفظ (على) الذي يستعمل عادة في مورد التسلط، و بذلك يصبح معنى الجملة، إنّ اللّه عزّ و جلّ قد صبّ عذابه على رؤوس هؤلاء الأقوام‌


[1]- الزمر، الآية 45.

[2]- مجمع البيان، ذيل الآيات مورد البحث.

[3]- ضمير «أمثالها» يعود إلى العاقبة التي تستفاد من الجملة السابقة.

[4]- تفسير روح المعاني، و روح البيان، و الفخر الرازي.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست