فهناك حاجة إلى فترة زمنية لاقتلاع جذورها، و لكلّ حركة غير مدروسة ردّ فعل
سلبي، تماما كما إذا ابتلي إنسان بمرض خطير، و قد استفحل هذا المرض في بدنه، أو من
اعتاد على تناول المخدرات لعشرات السنين حتى تطبع على هذه الطبيعة المستهجنة، ففي
هذه الموارد يجب الاعتماد على برامج زمنية لعلاجه قد تطول و قد تقصر.
و نقول بأسلوب أكثر صراحة: لو أنّ الإسلام كان قد أصدر أمرا عاما بتحرير كل
العبيد، فربّما كان الضرر أكثر، و قد يهلك منهم عدد أكثر، لأنّ الرقيق كانوا
يشكلون نصف المجتمع أحيانا، و ليس لهم عمل مستقل يتكسبون به، و لا دار أو ملجأ، أو
وسيلة ما لإدامة الحياة.
إنّ هؤلاء لو تحرّروا في ساعة معينة من يوم معين فستظهر على الساحة فجأة جماعة
عظيمة عاطلة عن العمل، و عندها ستكون حياتهم مهددة و ربّما أدّى إلى إرباك نظام
المجتمع، و عند ما يلح عليه الحرمان فسيجد نفسه مضطرا إلى الهجوم على ممتلكات
الآخرين، فتنشب الصراعات و الاشتباكات و نزف الدماء.
هنا ندرك الغاية من التحرير التدريجي، و ذلك ليستوعبهم المجتمع و لا يشمئز
منهم، و حينئذ سوف لا تتعرض أرواحهم للخطر، كما لا يتهدد أمن المجتمع، و قد اتبع
الإسلام هذا البرنامج الدقيق تماما.
إنّ تطبيق و ترجمة هذا البرنامج الإنساني على أرض الواقع العملي له قواعد
كثيرة نذكر هنا رؤوس نقاطها بصورة موجزة و كفهرس، أمّا تفصيلها فيحتاج إلى كتاب
مستقل:
المادة الأولى: غلق مصادر الرق
لقد كان للرق على طول التاريخ أسباب كثيرة، فلم يقتصر الاستبعاد على أسرى
الحرب، و المدينين الذين يعجزون عن أداء ديونهم، حيث كانت القوّة