البحث حول «الدجّال» بحث واسع، لكن القدر المعلوم أنّ الدجّال رجل خدّاع، أو
رجال خدّاعون ينشطون في آخر الزمان من أجل إضلال الناس عن أصل التوحيد و الحق و
العدالة، و سيقضي عليهم المهدي (عج) بقدرته العظيمة، و على هذا فإنّ الحرب قائمة
بين الحق و الباطل ما عاش الدجّالون على وجه الأرض.
إنّ للإسلام نوعين من المحاربة مع الكفر: أحدهما الحروب المرحلية كالغزوات
التي غزاها النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم حيث كانت السيوف تغمد بعد انتهاء
كل غزوة. و الآخر هو الحرب المستمرة ضد الشرك و الكفر، و الظلم و الفساد، و هذا
النوع مستمر حتى زمن اتساع حكومة العدل العالمية، و ظهورها على الأرض جميعا على يد
المهدي (عج).
ثمّ تضيف الآية: ذلِكَ وَ لَوْ يَشاءُ
اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ[2] بالصواعق السماوية، و الزلازل، و العواصف، و الابتلاءات
الأخرى، لكن باب الاختبار و ميدانه سيغلق في هذه الصورة: وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ.
هذه المسألة هي فلسفة الحرب، و النكتة الأساسية في صراع الحق و الباطل، ففي
هذه الحروب ستتميز صفوف المؤمنين الحقيقيين و العاملين من أجل دينهم عن المتكلمين
في المجالس المتخاذلين في ساعة العسرة، و بذلك ستتفتح براعم الاستعدادات، و تحيا
قوّة الاستقامة و الرجولة، و يتحقق الهدف الأصلي للحياة الدنيا، و هو الابتلاء و
تنمية قوّة الإيمان و القيم الإنسانية الأخرى.
إذا كان المؤمنون يتوقعون على ذواتهم و ينشغلون بالحياة اليومية الرتيبة، و في
كل مرة تطغى فيها جماعة من المشركين و الظالمين يدحضهم اللّه سبحانه بالقوى
الغيبية، و يدمّرهم بالطرق الإعجازية، فإنّ المجتمع سيكون خاملا ضعيفا