responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 32

«يخرصون» من الخرص، و هو في الأصل بمعنى التخمين، و أطلقت هذه الكلمة أوّلا على تخمين مقدار الفاكهة، ثمّ أطلقت على الحدس و التخمين، و لما كان الحدس و التخمين يخطئ أحيانا و لا يطابق الواقع، فقد استعملت هذه الكلمة بمعنى الكذب أيضا، و «يخرصون» في هذه الآية من هذا القبيل.

و على أيّة حال، فيظهر من آيات قرآنية عديدة بأنّ عبدة الأوثان كانوا يستدلون- مرارا- بمسألة المشيئة الإلهيّة من أجل توجيه خرافاتهم، و من جملة ذلك أنّهم كانوا قد حرّموا على أنفسهم أشياء و أحلّوا أخرى، و نسبوا ذلك إلى اللَّه سبحانه، كما جاء ذلك في الآية (148) من سورة الأنعام: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ شَيْ‌ءٍ.

و تكرر هذا المعنى في الآية (35) من سورة النحل أيضا: وَ قالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْ‌ءٍ نَحْنُ وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْ‌ءٍ.

و قد كذّبهم القرآن الكريم في ذيل آية سورة الأنعام، حيث يقول: كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا و يصرح في ذيل آية سورة النحل: فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ‌؟! و في ذيل الآية مورد البحث ينسبهم إلى التخمين و الكذب كما رأينا، و كلها ترجع في الحقيقة إلى أساس و مصدر واحد.

و تشير الآية التالية إلى دليل آخر يمكن أن يكونوا قد استدلوا به، فتقول: أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ‌ [1]؟ أي يجب على هؤلاء أن يتمسّكوا بدليل العقل لإثبات هذا الادّعاء، أو بدليل النقل، في حين لم يكن لهؤلاء دليل لا من العقل و لا من النقل، فإنّ كل الأدلّة العقلية تدعوا إلى التوحيد، و كذلك دعا كل‌


[1]- «أم» هنا متصلة، و هي معطوفة على (اشهدوا خلقهم)، و الضمير في (من قبله) يعود إلى القرآن. و ما احتمله البعض من أن (أم) هنا منقطعة، أو أن الضمير يرجع إلى الرّسول، لا يتناسب كثيرا مع القرائن التي في الآية.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست