responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 31

إنّ هذا التعبير قد يكون إشارة إلى أنّ هؤلاء كانوا يعتقدون بالجبر، و أن كل ما يصدر منا فهو بإرادة اللَّه، و كل ما نفعله فهو برضاه أو أنّه لو لم يكن راضيا عن أعمالنا و عقائدنا لوجب أن ينهانا عنها، و لما لم ينهنا عنها فإنّ ذلك دليل على رضاه.

الحقيقة، أنّ هؤلاء اختلقوا خرافات جديدة من أجل توجيه عقائدهم الخرافية الفاسدة الأولى، و افتروا أكاذيب جديدة لإثبات أكاذيبهم الأولى، و أيّا من الاحتمالين- أعلاه- كان مرادهم، فهو فاسد من الأساس.

صحيح أنّ كل شي‌ء في عالم الوجود لا يكون إلّا بإذن اللَّه تعالى، إلّا أنّ هذا لا يعني الجبر، إذ يجب أن لا ننسى أنّ اللَّه سبحانه هو الذي أراد لنا أن نكون مختارين و أحرارا في اختيارنا و تصرفنا، ليختبرنا و يربينا.

و صحيح أيضا أنّه يجب أن يجب أن ينهى اللَّه سبحانه عباده عن الباطل، لكن لا يمكن إنكار أنّ جميع الأنبياء قد تصدّوا لردع الناس عن كل نوع من أنواع الشرك و الازدواجيّة في العبادة.

إضافة إلى ذلك، فإنّ عقل الإنسان السليم ينكر هذه الخرافات أيضا أليس العقل- هو رسول اللَّه الداخلي- في أعماق الإنسان؟! و تجيب الآية في النهاية بجملة قصيرة على هذا الاستدلال الواهي لعبدة الأصنام، فتقول: ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ‌.

إنّ هؤلاء لا علم و لا إيمان لهم حتى بمسألة الجبر أو رضى اللَّه سبحانه عن أعمالهم، بل هم- ككثير من متبعي الهوى و المجرمين الآخرين- يتخذون مسألة الجبر ذريعة لهم من أجل تبرئة أنفسهم من الذنب و الفساد، فيقولون: إنّ يد القضاء و القدر هي التي جرتنا إلى هذا الطريق و حتمته علينا! مع علمهم بأنّهم يكذبون، و أن هذه ذريعة ليس إلّا، و لذلك فإنّ أحدا لو اغتصبهم حقّا فإنّهم غير مستعدين أبدا لغض النظر عن معاقبته مطلقا، و لا يقولون: إنّه كان مجبرا على عمله هذا!

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست