الراغب: بمعنى الحالات العظيمة الأهمية، و بناء على هذا فإنّ إصلاح البال يعني
تنظيم كلّ شؤون الحياة و الأمور المصيرية، و هو يشمل- طبعا- الفوز في الدنيا، و
النجاة في الآخرة، على عكس المصير الذي يلاقيه الكفار، إذ لا يصلون إلى ثمرة
جهودهم و مساعيهم، و لا نصيب لهم إلّا الهزيمة و الخسران بحكم: أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ.
و يمكن القول بأنّ غفران ذنوبهم نتيجة إيمانهم، و أنّ إصلاح بالهم نتيجة
أعمالهم الصالحة.
إنّ للمؤمنين هدوءا فكريا و اطمئنانا روحيا من جهة، و توفيقا و نجاحا في
برامجهم العملية من جهة ثانية، فإنّ لإصلاح البال إطارا واسعا يشمل الجميع، و أي
نعمة أعظم من أن تكون للإنسان روح هادئة، و قلب مطمئن، و برامج مفيدة بنّاءة.
و بيّنت الآية الأخيرة العلة الأساسية لهذا الإنتصار و تلك الهزيمة من خلال
مقارنة مختصرة بليغة، فقالت: ذلِكَ
بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا
الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ.
هنا يكمن سرّ المسألة بأنّ خطّي الإيمان و الكفر يتفرعان عن خطّي الحق و
الباطل، فالحق يعني الحقائق العينية، و أسماها ذات اللّه المقدّسة، و تليها
الحقائق المتعلقة بحياة الإنسان، و القوانين الحاكمة في علاقته باللّه تعالى، و في
علاقته بالآخرين.
و الباطل يعني الظنون، و الأوهام، و المكائد و الخدع، و الأساطير و الخرافات،
و الأفعال الجوفاء التي لا هدف من ورائها، و كلّ نوع من الانحراف عن القوانين
الحاكمة في عالم الوجود.
نعم، إنّ المؤمنين يتبعون الحق و ينصرونه، و الكفار يتبعون الباطل و يؤازرونه،
و هنا يكمن سرّ انتصار هؤلاء، و هزيمة أولئك.