responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 296

لقد كانت قصة قوم عاد تحذيرا لمشركي مكّة في الحقيقة، و قصة إيمان طائفة من الجن تحذيرا آخر.

تقول الآية أوّلا: وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ‌.

إنّ التعبير ب (صرفنا)- من مادة صرف، يعني نقل الشي‌ء و تبديله من حالة إلى اخرى- و لعله إشارة إلى أنّ الجن كانوا يصغون إلى أخبار السماء عن طريق استراق السمع، و مع ظهور نبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله و سلّم رجعوا إليه و اتّجهوا نحو القرآن.

و «النفر» كما يقول الراغب في مفرداته- عدّة رجال يمكنهم النفر، و المشهور بين أرباب اللغة أنّه الجماعة من الثلاثة إلى العشرة، و أوصلها البعض إلى الأربعين.

ثمّ تضيف الآية: فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا و ذلك حينما كان النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم يتلو آيات القرآن في جوف الليل، أو في صلاة الصبح.

«انصتوا» من مادة إنصات، و هو السكوت مع الاستماع و الانتباه.

و أخيرا أضاء نور الإيمان قلوب هؤلاء، فلمسوا في أعماقهم كون آيات القرآن حقا، و لذلك: فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى‌ قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ‌ و هذا دأب المؤمنين دائما، في أن يطلعوا الآخرين على الحقائق التي اطلعوا عليها، و يدلوهم على مصادر إيمانهم و منابعه الفياضة.

و تبيّن الآية التالية كيفية دعوة هؤلاء قومهم عند عودتهم إليهم، تلك الدعوة المتناسقة الدقيقة، الوجيزة و العميقة المعنى: قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى‌.

و من صفاته أنّا رأيناه يصدق الكتب السماوية السالفة و يتطابق معها في محتواها، و فيه العلائم الواردة في تلك الكتب: مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ‌ [1].

و صفته الأخرى أنّه: يَهْدِي إِلَى الْحَقِ‌ بحيث أنّ كلّ من يستند إلى عقله و فطرته يرى آيات حقانيته واضحة جلية.


[1]- لقد أوردنا تفسير هذه الجملة مفصلا في ذيل الآية 41 من سورة البقرة.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 296
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست