متى»، فقال: و ما يدريك من يونس بن متى؟ قال: «أنا رسول اللّه، و اللّه تعالى
أخبرني خبر يونس بن متى» فعرف عداس صدق النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم فخرّ
ساجدا للّه تعالى، و وقع على قدمي النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم يقبلهما.
فلما رجع لامه عتبة و شيبة على ما صنع، فقال: لقد أخبرني هذا الرجل الصالح بما
يجهله أهل هذه البلاد من أمر نبيّنا يونس، فضحكا و قالا: لا يفتننك عن نصرانيتك،
فإنّه رجل خداع! فرجع النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى مكّة، و لم يكن حاصل
سفره هذا إلّا مؤمن واحد، فوصل نخلا في جوف الليل، فما إن حلّ حتى تهيّأ للصلاة، و
كان جماعة من الجن من أهل نصيبين أو اليمن يمرون من هناك، فسمعوا صوت تلاوة القرآن
في صلاة الصبح فأصغوا إليه و آمنوا [1].
***
التّفسير
إيمان طائفة من الجن:
جاء في هذه الآيات- و كما أشير في سبب النّزول- بحث مختصر حول إيمان طائفة من
الجن بنبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله و سلّم و كتابه السماوي، لتوضح لمشركي
مكّة حقيقة، هي: كيف تؤمن طائفة من الجن البعيدين- ظاهرا- بهذا النبي الذي هو من
الإنس، و بعث من بين أظهركم، و أنتم تصرون على الكفر، و تستمرون في عنادكم و
مخالفتكم؟
و سيكون لنا بحث مفصل حول (الجن) و خصوصياته في تفسير سورة الجن إن شاء اللّه
تعالى، و نتناول هنا تفسير الآيات مورد البحث فقط.
[1]- مجمع البيان، المجلد 9، صفحة 92.
و أورد هذه القصة باختلاف يسير ابن هشام في تأريخه (السيرة النبوية)، المجلد 2،
صفحة 62- 63.