كانت منهم، و يكونون في جوار الصالحين المطهرين المقربين عند اللّه سبحانه.
و يستفاد بصورة ضمنية من هذا التعبير أنّ المراد من أَصْحابِ الْجَنَّةِ هنا العباد المقرّبون الذين لم يصبهم غبار المعاصي، و هؤلاء المؤمنون
التائبون يكونون في مصافهم بعد أن ينالوا غفران اللّه و رضاه.
و تضيف الآية في نهايتها- كتأكيد على هذه النعم التي مرّ ذكرها- وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ[1] و كيف لا يكون
وعد صدق في حين أنّ خلف الوعد أمّا أن يكون عن ندم أو جهل، أم عن ضعف و عجز، و
اللّه سبحانه منزه عن هذه الأمور جميعا.
***
ملاحظات
1- إنّ هذه الآيات تجسيد للإنسان المؤمن من أصحاب الجنّة، الذي يطوي أوّلا
مرحلة الكمال الجسمي، ثمّ مرحلة الكمال العقلي، ثمّ يصل إلى مقام شكر نعم اللّه
تعالى، و شكر متاعب والديه، و التوبة عمّا بدر منه من هفوات و سقطات و معاص، و
يهتم أكثر بالقيام بالأعمال الصالحة، و من جملتها تربية الأولاد، و أخيرا يرقى إلى
مقام التسليم المطلق للّه تعالى و لأوامره، و هذا هو الذي يغمره في رحمة اللّه و
مغفرته و نعمه المختلفة التي لا تحصى.
نعم، ينبغي أن يعرف أهل الجنّة من هذه الصفات.
2- إنّ التعبير ب وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ إشارة إلى أنّ مسألة الإحسان إلى الوالدين من الأصول
الإنسانية، ينجذب إليها و يقوم بها حتى أولئك الذين لا يلتزمون بدين أو مذهب، و
بناء على هذا، فإنّ الذين يعرضون عن أداء هذه الوظيفة، و يرفضون القيام بهذا
الواجب، ليسوا مسلمين حقيقيين، بل لا يستحقون اسم الإنسان.
[1]- (وعد الصدق) مفعول مطلق لفعل
محذوف، و التقدير: يعدهم وعد الصدق الذي كانوا يوعدون بلسان الأنبياء و الرسل.