responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 26

إنّ التعبير ب «الجزء» يبيّن من جانب أنّ هؤلاء كانوا يعتبرون الملائكة أولاد اللَّه تعالى، لأنّ الولد جزء من وجود الأب و الأمّ، و ينفصل عنهما كنطفة تتكوّن و تتلقّح، و إذا ما تلقّحت تكوّن الولد من تلك اللحظة. و يبيّن من جانب آخر قبولهم عبادتها، لأنّهم كانوا يظنّون الملائكة جزءا من الآلهة في مقابل اللَّه سبحانه.

ثمّ إنّ هذا التعبير استدلال واضح على بطلان اعتقاد المشركين الخرافي، لأنّ الملائكة إن كانت أولادا للَّه سبحانه، فإنّ ذلك يستلزم أن يكون للَّه جزء، و نتيجة ذلك أنّ ذات اللَّه، مركّبة سبحانه، في حين أنّ الأدلّة العقليّة و النقليّة شاهدة على بساطة وجوده و أحديّته، لأنّ الجزاء مختصّ بالموجودات الممكنة.

ثمّ تضيف: إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ‌ فمع كل هذه النعم الإلهيّة التي أحاطت بوجوده، و التي مرّ ذكر خمس منها في الآيات السابقة، فإنّه بدل أن يطأطئ رأسه إعظاما لخالقه، و إجلالا لولي نعمته، سلك سبيل الكفر و اتّجه إلى مخلوقات اللَّه ليعبدها! في الآية التي بعدها يستثمر القرآن الثوابت الفكريّة لدى هؤلاء من أجل إدانة هدا التفكير الخرافي، لأنّهم كانوا يرجّحون جنس الرجل على المرأة، و كانوا يعدّون البنت عارا- عادة- يقول تعالى: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَ أَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ‌؟ فإذا كان مقام البنت أدنى في اعتقادكم، فكيف ترجّحون أنفسكم و تعلونها على اللَّه، فتجعلون نصيبه بنتا، و نصيبكم ولدا؟

صحيح أنّ المرأة و الرجل متساويان في القيم الإنسانيّة السامية عند اللَّه سبحانه، إلّا أنّ الاستدلال باعتقادات المخاطب يترك أحيانا في فكره أثرا يدفعه إلى إعادة النظر فيما يعتقد.

و تتابع الآية التالية هذا البحث ببيان آخر، فتقول: وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ‌.

و المراد من‌ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا هم الملائكة الذين كانوا يعتبرونهم بنات‌

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست