اللَّه، و
كانوا يعتقدون في الوقت نفسه أنّها آلهتهم، و أنّها شبيهة به- سبحانه- و مثله.
إنّ لفظة
(كظيم) من مادّة «كظم»، و تعني الحلقوم، و جاءت أيضا بمعنى غلق فم قربة الماء بعد
امتلائها، و لذلك فإنّ هذه الكلمة استعملت للتعبير عمّن امتلأ قلبه غضبا أو غمّا و
حزنا. و هذا التعبير يحكي جيّدا عن خرافة تفكير المشركين البله في عصر الجاهليّة
فيما يتعلق بولادة البنت، و كيف أنّهم كانوا يحزنون و يغتمّون عند سماعهم بولادة
بنت لهم، إلّا أنّهم في الوقت نفسه كانوا يعتقدون بأنّ الملائكة بنات اللَّه
سبحانه! و تضيف في الآية الكريمة: أَ وَ مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ
وَ هُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ[1].
لقد ذكر
القرآن هنا صفتين من صفات النساء غالبا، تنبعثان من ينبوع عاطفتهنّ، إحداهما:
تعلّق النساء الشديد بأدوات الزينة، و الأخرى: عدم امتلاكهنّ القدرة الكافية على
إثبات مرادهنّ أثناء المخاصمة و الجدال لحيائهنّ و خجلهنّ.
لا شكّ أنّ
بعض النسوة ليس لداهنّ هذا التعلّق الشديد بالزينة، و لا شكّ أيضا أنّ التعلّق
بالزينة و محبّتها في حدود الاعتدال لا يعد عيبا في النساء، بل أكّد عليها
الإسلام، إلّا أنّ المراد هو أكثريّة النساء اللاتي تعوّدن على الإفراط في الزينة
في أغلب المجتمعات البشريّة، و كأنّهن يولدن بين أحضان الزينة و يتربّين في حجرها.
و كذلك لا
يوجد أدنى شكّ في أنّ بعض النسوة ارتقين أعلى الدرجات في قوّة المنطق و البيان،
لكن لا يمكن إنكار ضعف النساء عند المخاصمة و البحث و الجدال، إذا ما قورنت بقدرة
الرجال، و ذلك بسبب خجلهنّ و حيائهنّ.
و الهدف بيان
هذه الحقيقة، و هي: كيف تظنّون و تعتقدون بأنّ البنات أولاد اللَّه سبحانه، و
أنّكم مصطفون بالبنين؟
[1]- «ينشّؤا» من مادة «الإنشاء»، أي إيجاد
الشيء، و هنا بمعنى تربية الشيء، و تنميته، و «الحلية» تعني الزينة، و «الخصام»
هو المجادلة و النزاع على شيء ما.