responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 259

لقد غفل هؤلاء عن أن العيب فيهم لا في الإسلام، فلو لا حجب الكبر و الغرور الملقاة على قلوبهم و لولا أنّهم سكرى من خمرة المال و الجاه و المقام، و لو لا أنّ غرورهم و تكبرهم يمنعهم من التحقيق في أمر هذا الدين، إذن لا نجذبوا بسرعة الى الإسلام كما انجذب الفقراء إليه.

و لذلك فإنّ الآية تجيبهم في نهايتها بهذا التعبير اللطيف: وَ إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ‌ [1] أي إنّ هؤلاء ما أرادوا أن يهتدوا بآيات القرآن، لا أن القصور في قابلية القرآن على الهداية.

و التعبير ب «الإفك القديم» شبيه بتهمة أخرى حكيت عنهم في آيات القرآن الأخرى، إذ قالوا: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ‌ [2].

جملة «سيقولون» بصيغة المضارع، تدل على أنّهم كانوا يرمون القرآن بهذه التهمة دائما، و كانوا يتخذون هذا الاتهام غطاء لعدم إيمانهم.

ثمّ تطرقت الآية إلى دليل آخر لإثبات كون القرآن حقا، و لنفي تهمة المشركين إذ كانوا يقولون: هذا إفك قديم، فقالت: إنّ من علامات صدق هذا الكتاب العظيم أنّ كتاب موسى الذي يعتبر إماما أي قدوة للناس و رحمة قد أخبر عن هذا النبي و صفاته. و هذا القرآن أيضا كتاب منسجم في آياته و فيه العلائم المذكورة في التوراة: وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى‌ إِماماً وَ رَحْمَةً وَ هذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ‌ و إذا كان الأمر كذلك، فكيف تقولون: هذا إفك قديم؟

لقد أكّد القرآن في آياته مرارا على أنّه مصدق للتوراة و الإنجيل، أي إنّه يتفق مع العلامات و الصفات التي وردت في هذين الكتابين السماويين حول نبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله و سلّم و قد كانت هذه العلامات دقيقة إلى الحد الذي يقول القرآن الكريم:


[1]- (إذ) في هذه الآية ظرفية، و يعتقد البعض أنّها متعلقة (سيقولون)، و يقولون: إنّ وجود الفاء غير مانع. إلّا أنّ البعض الآخر- كالزمخشري في الكشاف- يرى أنّه بما أنّ الفعل بعدها ماض، و (سيقولون) فعل مضارع فلا يمكن أن يكون متعلقها، بل متعلقها محذوف، و التقدير: «و إذا لم يهتدوا به ظهر عنادهم» إلّا أنّ الاحتمال الأوّل أكثر انسجاما مع معنى الآية.

[2]- الفرقان، الآية 5.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست