responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 18

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً.

إنّ لفظتي «المهد» و «المهاد» تعني المحلّ الذي أعدّ للجلوس و النوم و الاستراحة، و يقال في الأصل للمكان الذي يضعون فيه الطفل لينام «مهد».

أجل ... إنّ اللَّه سبحانه جعل الأرض مهدا للإنسان، و مع أنّ لها عدّة حركات بفعل قانون الجاذبيّة، و رغم الطبقة الغازيّة العظيمة التي أحاطت بها من كلّ جانب، فإنّها هادئة و مستقرّة بحيث لا يشعر ساكونها بأيّ إزعاج و نعلم أنّ الهدوء النفسي هو الدعامة الأساسيّة للاستفادة من النعم الأخرى و التنعّم بها، و لا شكّ أنّ هذه العوامل المختلفة ما لم تنسجم مع بعضها، و يكمل بعضها بعضا، فليس بالإمكان تحقّق هذا الهدوء و الاطمئنان مطلقا.

ثمّ يضيف سبحانه لتبيان النعمة الثانية: وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ‌.

لقد أشير إلى هذه النعمة عدّة مرات في القرآن المجيد (سورة طه- 53، الأنبياء- 31، النحل- 15 و غيرهنّ)، و هي من النعم التي غفل عنها الكثيرون، لأنّا نعلم أنّ التضاريس تعمّ كلّ اليابسة تقريبا، و فيها الجبال العظيمة و الصغيرة و التلال و الهضاب، و البديع أن توجد بين أعظم سلال جبال العالم فواصل يستطيع الإنسان أن يشقّ طريقه من خلالها، و قلما اتفق أن تكون هذه الجبال سببا لانفصال أقسام الكرة الأرضية عن بعضها تماما، و هذا واحد من أسرار نظام الخلقة، و من مواهب اللَّه سبحانه و عطاياه للعباد.

و إضافة إلى ما مرّ، فإنّ كثيرا من أجزاء الكرة الأرضية ترتبط مع بعضها بواسطة طرق المواصلات البحريّة، و هذا يدخل أيضا في عموم معنى الآية [1].

و اتضح ممّا قلناه أنّ المراد من جملة لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ‌ هو الهداية إلى الهدف، و اكتشاف مناطق الأرض المختلفة، بالرغم من أنّ البعض اعتبرها إشارة إلى‌


[1]- كلمة «السبل»- جمع سبيل»- تطلق على الطرق البرّية و البحريّة، كما نقرأ في الفقرة (42) من دعاء الجوشن «يا من في البرّ و البحر سبيله».

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 18
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست