خمسة نماذج
من مواهب اللَّه العظيمة و تثير فيهم حسّ الشكر، تتطرّق إلى إبطال اعتقادهم
الخرافي فيما يتعلق بالأصنام و مختلف أنواع الشرك.
يقول سبحانه
في القسم الأوّل: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ
السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ.
إنّ هذا
التعبير الذي ورد بتفاوت يسير في أربع آيات من القرآن الكريم- العنكبوت/ 61،
لقمان/ 25، الزمر/ 38 و الزخرف في الآية التي نبحثها [1]-
دليل على كون معرفة اللَّه سبحانه أمر فطري مغروس في طينة البشر و طبيعتهم من
جانب. و من جانب آخر يدلّ على أنّ المشركين كانوا مقرّين بأن خالق السماوات و
الأرض هو اللَّه سبحانه، و لم يكونوا يعترفون بأنّ معبوداتهم خالقة إلّا في موارد
نادرة.
و من جانب
ثالث فإنّ هذا الاعتراف أساس و دعامة لإبطال عبوديّة الأصنام، لأنّ الذي يكون أهلا
للعبادة هو خالق الكون و مدبّره، لا الموجودات التي لا حظّ لها في هذا المجال، و
بناء على هذا، فإنّ اعترافهم بكون اللَّه سبحانه خالقا كان دليلا قاطعا على بطلان
مذهبهم و دينهم الفاسد.
و التعبير
بالعزيز الحكيم و الذي يبيّن قدرة اللَّه المطلقة، و علمه و حكمته، و إن كان
تعبيرا قرآنيّا، إلّا أنّه لم يكن أمرا ينكره المشركون، لأنّ لازم الاعتراف بكون
اللَّه سبحانه خالقا للسماء و الأرض وجود هاتين الصفتين فيه. و هؤلاء المشركين
كانوا يعتقدون بعلم أصنامهم و قدرتها، فكيف باللَّه الذي يعتقدون أنّ أصنامهم
وسيلة إليه، و تقربّهم إليه زلفى؟! ثمّ يشير سبحانه إلى خمس نعم من نعم اللَّه
العظيمة، و التي تعتبر كلّ منها نموذجا من نظام الخلقة، و آية من آيات اللَّه
سبحانه، فيقول أولا:
[1]- جاء في موضعين آخرين من القرآن اعتراف
هؤلاء بكون الله خالقا، غايته أن أحدهما في شأن نزول المطر من السماء (العنكبوت-
63) و الآخر في كون الله سبحانه خالقهم (الزخرف- 87).