لم يكن للمشركين بعامة- و مشركي العرب بخاصة- مسلك متحد في مسائلهم العقائدية،
بل إنّهم كانوا متفاوتين فيما بينهم مع أنّهم يشتركون في الأصل في عقيدة الشرك.
فبعضهم لم يكن يعترف باللّه و لا بالمعاد، و هم الذين يتحدث القرآن عنهم
بأنّهم كانوا يقولون: ما هِيَ إِلَّا
حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ[1] و بعضهم الآخر
كانوا يعتقدون باللّه عزّ و جلّ، و يعتقدون أيضا أنّ الأصنام شفعاؤهم عند اللّه،
إلّا أنّهم كانوا ينكرون المعاد، و هم الذين كانوا يقولون: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ[2]، فأولئك كانوا
يحجون إلى الأصنام، و يقدمون القرابين لها، و كانوا يعتقدون بالحلال و الحرام، و
كان أكثر مشركي العرب من هذه الفئة.
لكن هناك شواهد تدل على أنّ هؤلاء كانوا يعتقدون ببقاء الروح بشكل ما، سواء
على هيئة التناسخ و انتقال الأرواح إلى الأبدان جديدة أم بشكل آخر [3].
و اعتقادهم بطير اسمه (هامة) معروف، فقد ورد في قصص العرب أنّه كان من بين
العرب من يعتقد بأنّ روح الإنسان طائر انبسط في جسمه، و عند ما يرحل الإنسان عن
هذه الدنيا أو يقتل، يخرج هذا الطائر من جسمه و يدور حول جسده بصورة مرعبة، و ينوح
عند قبره.
و كانوا يعتقدون- أيضا- أنّ هذا الطائر يكون صغيرا في البداية ثمّ يكبر حتى
يصبح بحجم البوم، و هو يعيش دائما في خوف و اضطراب، و يسكن الديار الخالية، و
الخرائب، و القبور و مصارع القتلى!