عنهم، كما جاء في الآية (17) من سورة الإسراء أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ و ورد نظير هذا المعنى في الآية 105- الأعراف، و 47- طه
أيضا.
و الأمر الذي لا ينسجم مع هذا التّفسير، هو أن جملة أَدُّوا تستعمل عادة في
أداء الأموال و الأمانات و التكاليف، لا في مورد إيداع الأشخاص، و يتّضح هذا
الموضوع جيدا بملاحظة موارد استعمال هذه الكلمة.
و على أية حال، فإنّه يضيف في بقية الآية إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ و ذلك لنفي كل اتهام عن نفسه.
إنّ هذا التعبير- في الحقيقة- داحض للاتهامات الباطلة التي ألصقها به
الفراعنة، كالسحر، و السعي إلى التفوق و استلام الحكم في أرض مصر، و طرد أصحابها
الأصليين، و التي أشير إليها في الآيات المختلفة.
ثمّ يقول لهم موسى عليه السّلام بعد أن دعاهم إلى طاعة اللّه سبحانه، أو إطلاق
سراح بني إسرائيل و تحريرهم: إنّ مهمّتي الأخرى أن أقول لكم: وَ أَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ
بِسُلْطانٍ مُبِينٍ معجزاته بينة، و أدلته
منطقية واضحة.
و المراد من عدم العلو على اللّه سبحانه، هو عدم القيام بأي عمل لا ينسجم مع
أصول العبودية، من المخالفة و التمرد، و حتى إيذاء رسل اللّه، أو ادعاء الألوهية و
أمثال ذلك.
و لما كان المستكبرون و عبيد الدنيا لا يدعون أي تهمة و افتراء، إلّا و
ألصقوهما بمن يرونه مخالفا لمنافعهم و مصالحهم اللامشروعة بل لا يتورعون حتى عن
قتله و إعدامه، لذا فإنّ موسى عليه السّلام يضيف للحد من مسلكهم هذا وَ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ.
إنّ هذا التعبير لعله إشارة إلى أنّي لا أخاف تهديداتكم، و سأصمد حتى آخر نفس،
و اللّه حافظي و حارسي، و كانت مثل هذه التعبيرات تمنع القادة الإلهيين حزما أكبر
في دعوتهم، و تزيد في انهيار إرادة الأعداء و معنوياتهم، و تزيد من