1- نحن نعلم أن القرآن الكريم نزل على مدى ثلاث و عشرين سنة- و هي فترة نبوةّ
النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم إضافة إلى أن لمحتوى القرآن ارتباطا و علاقة
بالحوادث المختلفة التي وقعت في حياة النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و
المسلمين طوال هذه ال (23) سنة، بحيث أنها إذا فصلت عن القرآن الكريم فسيكون غير
مفهوم، و إذا كان الحال كذلك فكيف نزل القرآن الكريم كاملا في ليلة القدر؟
و في معرض الإجابة على هذا السؤال، ذهب البعض هذا المعنى ببداية نزول القرآن،
و بناء على هذا فلا مانع من أن تكون بداية نزوله في ليلة القدر، و ينزل الباقي
خلال (23) سنة.
غير أن هذا التّفسير- و كما قلنا- لا ينسجم مع ظاهر الآية مورد البحث، و مع
آيات أخرى في القرآن المجيد.
و للاجابة على هذا السؤال يجب الانتباه إلى أننا نقرأ في هذا الآية إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ من جهة، و من جهة أخرى جاء في الآية (185) من سورة البقرة شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ و من جهة ثالثة نقرأ في سورة القدر إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فيستفاد جيدا من مجموع هذه الآيات أن الليلة المباركة في
هذه الآية إشارة إلى ليلة القدر التي هي من ليالي شهر رمضان المبارك.
و إضافة إلى ما مر، فإنه يستفاد من آيات عديدة أن النبي صلى اللّه عليه و آله
و سلّم كان عالما بالقرآن قبل نزوله التدريجي، كالآية (114) من سورة طه وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى
إِلَيْكَ وَحْيُهُ.
و جاء في الآية (6) من سورة القيامة لا
تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ.
من مجموع هذه الآيات يمكن الاستنتاج أنه كان للقرآن نزولان: