أمّا المجموعة الثّانية فقد وصفها القرآن الكريم بوصفين، إذ قال: وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ
هُمُ الْمُتَّقُونَ.
فبعض الرّوايات الواردة عن أئمّة الهدى عليهم السّلام فسّرت: وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ بأنّها تعود على النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و صَدَّقَ بِهِ تعود على علي
عليه السّلام [2]، و
بالطبع فإن المقصود من ذلك هو باين مصداقية الآية، لأنّ عبارة: أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ دليل على شمولية الآية.
و من هنا يتّضح أنّ تفسير الآية المذكورة أعلاه بأن المراد شخص رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و اله و سلّم الذي هو مهبط الوحي و المصدق به في نفس الوقت، فهو
أيضا من قبيل بيان مصداق الآية و ليس بيان المفهوم العام لها.
لذلك فإنّ مجموعة من المفسّرين فسّروا عبارة قوله تعالى: وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ بأنّه يعني كلّ الأنبياء و صَدَّقَ
بِهِ يعني أتباعهم الحقيقيين، و هم المتقون.
و هناك تفسير آخر للآية، لكنّه أوسع و أكثر شمولية من التفاسير الأخرى، رغم
أنّه لم يحظ كثيرا باهتمام المفسّرين، لكنّه أكثر انسجاما مع ظاهر الآيات، و
التّفسير هو أن الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ليس منحصرا في الرّسل فقط، و إنّما يشمل كلّ الذين يبلغون
نهج الأنبياء و يروجون كلام اللّه، و في هذه الحالة فلا يوجد أي
[1]- «مثوى»: من مادة (ثواء) و تعني
الإقامة المستمرة في مكان ما و لهذا فإنّ (مثوى) هنا تعني المكان و المنزل الدائم.