مانع من القول بأن العبارتين تنطبقان على مجموعة واحدة (كما يوضح ذلك ظاهر
الآية، لأنّ ضمير (و الذي ذكر مرّة واحدة فقط).
و بهذا الشكل فإنّ الآية تتحدّث عن أناس هم من حملة الرسالة و من العاملين به،
و تتحدّث عن أولئك الذين ينشرون في العالم ما ينزل به الوحي من كلام البارئ عزّ و
جلّ و هم يؤمنون به و يعملون به، و هكذا فإنّ الآية تضم الأنبياء و الأئمّة
المعصومين و الدعاء لنهج الأنبياء.
و الملفت للنظر أنّ الاية عبّرت عن الوحي «بالصدق» و هو اشارة إلى أن. الكلام
الوحيد الذي لا يحتمل وجود الكذب و الخطأ فيه هو كلام اللّه الذي نزل به الوحي،
فإن سار الإنسان في ظلّ تعليمات نهج الأنبياء و صدقها فإنّ التقوى سوف تتفتح في
داخل روحه.
الآية التالية تبيّن أنّ هناك ثلاث مثوبات بانتظار أفراد هذه المجموعة، أي
المصدقين، إذ تقول في البداية: لَهُمْ ما
يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ.
لهذه الآية مفهوم واسع بحيث يشمل كلّ النعم المادية و المعنوية التي يمكن
تصورها و التي لا يمكن تصورها.
و على ضوء هذه الآية يطرح البعض السؤال التالي: إذا طلب أحدهم أن يكون مقامه
أرفع من مقام الأنبياء و الأولياء، فهل يعطى ذلك؟
علينا أن لا نغفل عن كون أهل الجنّة يدركون عين الحقيقة، و لهذا لا يفكر أحد
منهم بأمر يخالف الحقّ و العدالة، و لا يتناسب مع أساس توازن اللياقات و الكفاءات.
بعبارة اخرى: لا يمكن أن يحصل أشخاص لهم درجات مختلفة في الإيمان و العمل على
نفس الجزاء، فكيف يأمل أصحاب الجنّة في تحقيق أشياء مستحيلة؟! و في نفس الوقت
فإنّهم يعيشون في حالة روحية خالية من الحسد و الغيرة، و هم راضون بما رزقوا به.