يسلك به طريق المكارم، و محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره».
فوجود مثل هذا الملك يدل على وجود برنامج خاص.
و الدليل الآخر هو أنّ التاريخ لم يذكر لنا أبدا أن الرّسول صلّى اللّه عليه و
اله و سلّم انشغل بالعبادة في معابد اليهود أو النصارى أو الأديان الأخرى، و لم
يكن إلى جوار الكفار في معابدهم، و لا إلى جوار أهل الكتاب في كنائسهم، و في نفس
الوقت فقد استمر في سلوك طريق التوحيد و كان متمسكا بقوة بالأصول الأخلاقية و
العبادة الإلهية.
و قد وردت عدّة روايات- وفقا لنقل العلّامة المجلسي في بحار الأنوار- في
المصادر الإسلامية عن أن الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم كان مؤيدا منذ
بداية عمره بروح القدس.
و حتما فإنّه كان يعمل وفقا لما يستلهمه من روح القدس [1].
و يرى العلّامة المجلسي أن الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم كان نبيا قبل
أن يكون رسولا، فالملائكة كانت تتحدث معه أحيانا و كان يسمع صوتها، و أحيانا كان
الإلهام الإلهي ينزل عليه ضمن الرؤيا الحقيقية الصادقة، و بعد أربعين سنة وصل إلى
منزلة الرسالة و نزل القرآن و الإسلام عليه، و قد ذكر لذلك ستة أدلة حيث يتلاءم
بعضها مع ما ذكرناه أعلاه (للاستزادة راجع المجلد 18 من بحار الأنوار ص 277 فما
بعدها).
2- الجواب على سؤال
بعد هذا البحث قد يطرح هذا السؤال: لماذا تقول الآية: ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ رغم ما ذكرناه من إيمان و أعمال النّبي صلّى اللّه عليه و
اله و سلّم قبل نبوّته؟
و بالرغم من أنّه ورد جواب هذا السؤال بشكل موجز في تفسير الآية، إلّا أنّه من
الأفضل إعطاء توضيح أكثر بهذا الخصوص.
المقصود أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم لم يكن يعرف بتفصيلات هذا
الدين و لا بمحتوى