و هكذا نرى أن بداية و نهاية هذه الآيات منسجمة فيما بينها و مترابطة، و نهاية
السورة- أيضا- يتلاءم مع بديتها و الموضوع العام الساري عليها.
ملاحظات
1- ماذا كان دين الرّسول الأعظم قبل نبوته؟
لا يوجد شك في أن الرّسول الأكرم صلّى اللّه عليه و اله و سلّم لم يسجد لصنم
قبل بعثته أبدا، و لم ينحرف عن خط التوحيد، فتاريخ حياته يعكس بوضوح هذا المعنى،
إلّا أن العلماء يختلفون في الدين الذي كان عليه:
فذهب بعضهم أنّه دين المسيح عليه السّلام، لأن المسيحية كانت الدين الوحيد
الرسمي غير المنسوخ قبل بعثة الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم.
و قال البعض الآخر: إنه دين إبراهيم عليه السّلام، لأنّه (شيخ الأنبياء) و
أبوهم، و قد ذكرت بعض آيات القرآن أن دين الإسلام هو دين إبراهيم: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ[1].
أمّا البعض الآخر فلم يذكر شيئا و اكتفى بالقول بأننا نعلم بأنّه كان على دين
معين إلّا أنّه لم يتوضح لنا ما هو.
و بالرغم من أن كلا من هذه الأقوال يستند إلى دليل معين، إلّا أنّها ليست
قطعية، و أفضلها قول آخر و هو: لقد كان الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم يملك
برنامجا خاصا من قبل الخالق و كان يعمل به، و في الحقيقة فقد كان له دين خاص حتى
زمان نزول الإسلام عليه.
و الدليل على هذا الكلام الجملة التي ذكرناها قبل قليل، و الوارد في نهج
البلاغة، و هو «و لقد قرن اللّه به و من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته،