يرى هؤلاء- وفقا لمقدمات مفصلة- أن الوحي هو عبارة عن الاتصال الخارق (لنفس
الرّسول) مع (العقل الفعّال) المسيطر بظله على عالم (الحس المشترك) و (الخيال).
و توضيح ذلك:
أنّ القدماء كانوا يعتقدون أن الروح الإنسانية لها ثلاث قوى: قوّة الحس
المشترك و بواسطتها يدرك الإنسان صور المحسوسات، و (قوّة الخيال) و بواسطتها يدرك
بعض الصور الذهنية، و (القوة العقلية) التي يدرك بواسطتها الصور الكلية.
و من جانب آخر، فهم يعتقدون بنظرية الأفلاك التسعة لبطليموس، و كانوا يعتقدون
بوجود (النفس المجرّدة) لها مثل (الروح لأجسادنا) و يضيفون: إن هذه النفوس الفلكية
تستلهم من كائنات مجرّدة تسمى (العقول)، و على هذا الأساس فهم يقولون بوجود (تسعة
عقول) تختص (بالأفلاك التسعة).
و من جانب ثالث كانوا يعتقدون أن النفوس الإنسانية و أرواحها يجب أن تستلهم من
الكائن المجرد الذي يسمى ب (العقل الفعال) و ذلك لأجل إظهار القابليات و إدراك
الحقائق، حيث كان يسمى ب (العقل العاشر)، أمّا سبب تسميته بالفعال فلأنّه أساس
حدوث القابليات للعقول الجزئية.
و من جانب رابع كانوا يعتقدون أنّه مهما قويت الروح الإنسانية فإنّه سيزداد
ارتباطها و اتصالها بالعقل الفعال الذي هو خزانة و مصدر المعلومات، لذا فإنّ الروح
القوية و الكاملة تستطيع أن تكتسب أوسع المعلومات من (العقل الفعال) بأمر من
الخالق، و ذلك في أقصر مدة.
و أيضا فإذا قويت (قوّة الخيال) فانّها تستطيع أن تنقل هذه المفاهيم إلى الحس
بشكل أفضل، و عند ما يقوى الحس المشترك الإنسان أن يدرك القضايا