و من خلال هذه المقدمات سيتنتجون أن روح النّبي لها ارتباط و اتصال كبير جدا
بالعقل الفعال، لأنّها قوية بشكل خارق، و لهذا السبب تستطيع أن تأخذ المعلومات
بشكل عام من العقل الفعال في أكثر الأوقات.
و بما أن القوة الخيالية للنبي قوية جدا أيضا، و في نفس الوقت تتبع القوة
العقلية، لذا فإنها (أي القوة الخيالية) تستطيع أن تعطي صورا محسوسة مناسبة للصور
الكلية المأخوذة من العقل الفعال، و، أن ترى نفسها ضمن أطر حسية في أفق الذهن،
فمثلا لو كانت تلك الحقائق العامة من باب المعاني و الأحكام فسيسمعها من لسان شخص
بمنتهى الكمال، و ذلك على شكل ألفاظ موزونة بمنتهى الفصاحة و البلاغة.
و لأن قوته الخيالية مسيطرة بشكل كامل على الحس المشترك، لذا فإنّها تستطيع أن
تعطي طبيعة حسية لهذه الصور، و يستطيع النّبي أن يرى ذلك الشخص بعينه و يسمع
ألفاظه بإذنه.
نقد و تحليل
هذه النظرية تعتمد على مقدمات يعتبر القسم الأعظم منها مرفوضا في الوقت
الحاضر، فمثلا أفلاك بطليموس التسع و النفوس و العقول المرتبطة بها تعتبر جزءا من
الأساطير، لعدم وجود أي دليل على إثباتها، بل و توجد أدلة ضدها.
و من جانب آخر فإن هذه الفريضة لا تتلاءم مع الآيات القرآنية بخصوص الوحي، لأن
الآيات القرآنية تصرّح بأن الوحي نوع من الارتباط مع الخالق الذي قد يكون عن طريق
الإلهام أحيانا، و أحيانا اخرى عن طريق الملك أو سماع الأمواج الصوتية أمّا القول
بأنّه وليد القوة الخيالية و الحس المشترك و أمثال ذلك فهو في غاية الضعف و عدم
الانسجام مع الآيات القرآنية.