أو مثيل، و لهذا لا ينبغي الاستظلال إلّا تحت ولايته، و لا تصح العبودية و
الربوبية إلّا له، و ذلك لا يكون ألّا بفك قيود عبودية الغير، و تصريفها إليه دون
غيره سبحانه و تعالى.
الآية التي بعدها تتحدّث عن ثلاثة أقسام أخرى من صفات الفعل و الذات حيث توضح
كلّ واحدة منها قضية الولاية و الربوبية في بعد خاص.
يقول تعالى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.
فكل ما يملكه مالك هو منه سبحانه و تعالى، و كل ما يرغب به راغب ينبغي أن
يطلبه منه، لأنّ له تعالى خزائن السماوات و الأرض و ليس «مفاتيحها» و حسب وَ لِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ[1].
«مقاليد» جمع «مقليد» و تعني المفتاح،
و هي تستخدم ككناية للسيطرة الكاملة على كلّ شيء ما، فيقال مثلا: إنّ مفتاح هذا
الأمر بيدي، يعني أنّ برنامجه و طريقه و شرائطه كلّها تحت قدرتي و في يدي. [2].
و في الصفة الأخرى، و التي هي في الواقع ثمرة و نتيجة للصفة السابقة تقول
الآية: يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ
يَقْدِرُ لأنّ بيده تعالى جميع خزائن السماوات و الأرض
فإنّ جميع الأرزاق في قبضته، و يقسمها وفقا لمشيئته التي تصدر بمقتضى حكمته، و
يلاحظ فيها مصلحة العباد.
إنّ من مقتضيات استفادة جميع الكائنات من رزقه تعالى هو العلم بمقدار حاجتها،
و مكانها و سائر شؤون حياتها الأخرى، لذا تضيف الآية في آخر صفة قوله تعالى: إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
و هناك ما يشبه هذا الأمر و هو ما جاء في الآية (6) من سورة «هود» في قوله
تعالى: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا
عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي
كِتابٍ مُبِينٍ.